قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في فطر العشر.
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائماً العشر قط)].
أورد أبو داود الفطر في العشر الذي هو ضد الصيام، يعني: ذكر سابقاً صيام العشر وهنا ذكر فطر العشر، وقد أورد فيه أبو داود حديث عائشة أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط) معناه: أنه يكون مفطراً، وهو يخالف ما تقدم من إرشاده لصوم الشعر وصومه لها، والحديث الأول فيه أنه كان يصوم التسع، والحديث الثاني من قوله يشمل الصيام وغير الصيام، حيث فيه بيان فضل التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، ويدخل فيه الصيام كما أشار إلى ذلك أبو داود في إيراده الحديث في الترجمة، ثم أورد أبو داود ترجمة في الفطر الذي هو عكس ما تقدم، ويجمع بين ما تقدم وبين ما جاء في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون ذلك كان في سفر، أو أنه كان في بعض الأحيان موجوداً ولكنه ما شوهد ذلك منه، وما جاء عنه من القول الدال على فضل الأعمال الصالحة في العشر ومنها الصيام، وكذلك أيضاً من كونه يصوم يدل على فضل صيامه وعلى استحباب صيامه، وكون الإنسان يصومه هو الأولى من كونه لا يصوم؛ لأن ما جاء عن عائشة يحتمل أن يكون كان في سفر، وأنها ما شاهدته وغيره شاهده، فالذي روى الحديث الأول أحد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إما حفصة وإما أم سلمة، فإذاً: هي أخبرت حسب علمها، وغيرها أخبر حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي.