قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم العشر.
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس)].
أورد أبو داود صيام العشر، أي: عشر ذي الحجة، ولكن المقصود التسع، وقد اشتهرت بهذا الاسم تغليباً، وإلا فإن اليوم العاشر يوم العيد، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال؛ لأنه يحرم صوم العيدين وأيام التشريق، وأيام التشريق لم يرخص في أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، أما العيدان فلا يجوز صيامهما بحال من الأحوال، بل يجب إفطارهما.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صيام العشر، وجاء حديث عام يشمل الصيام وغير الصيام، وجاء حديث في ترجمة أخرى بخلاف ذلك يعني: في الإفطار في أيام العشر، ولكن صيام العشر قربة من أفضل القربات، وداخل تحت عموم حديث: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر).
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة)].
يعني: العشر من ذي الحجة ما عدا يوم العيد.
قوله: [(ويوم عاشوراء)].
هو العاشر من شهر المحرم، وسيأتي له ترجمة مستقلة.
قوله: [(وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس)].
يعني: أنه يبدأ بأول إثنين من الشهر، ثم الخميس وفي بعض الروايات: (والخميسين) يعني: إثنين واحد وخميس مرتين، فتكون ثلاثة أيام من كل شهر، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه ينبغي أن تكون الثلاثة أيام البيض التي هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والثلاثة أيام من كل شهر جاءت في أحاديث عديدة، وهي مما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك على سبيل الإجمال، وبعضها على سبيل التفصيل مثل ما جاء في هذا الحديث قوله: (أول إثنين من الشهر والخميس) ومما جاء في ذلك حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)، ومثله حديث أبي الدرداء الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد).