قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا عيسى حدثنا عثمان -يعني ابن حكيم - قال: (سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: أخبرني ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عثمان بن حكيم قال: (سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب، فقال: أخبرني ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر)].
يعني: سئل سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه عن صيام رجب، فروى عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، وكان يفطر حتى نقول: لا يصوم) معناه: أنه ليس ثابتاً على مقدار معين من الشهر، بل أحياناً يصوم الشهر حتى نقول: يكمله، وأحياناً يفطر حتى نقول: لا يصومه، ومعنى ذلك أنه أحياناً يصوم منه كثيراً، وأحياناً يصوم منه قليلاً، وهذا الجواب عن هذا السؤال ليس فيه شيء يدل على أن رجب يصام أو لا يصام، وإنما شأنه شأن غيره؛ ولهذا أتى بالجواب العام الذي يشمله ويشمل غيره، فأخبر عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يصوم من الأشهر حتى نقول: لا يفطر، وأحياناً يفطر حتى نقول: لا يصوم ورجب لأنه لم يأت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه إذا عومل معاملة الشهور بأن يكون الإنسان ملازماً على شيء في أيام الشهور فرجب واحد منها، يعني: لو كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يصوم الإثنين والخميس من كل شهر، فرجب يكون واحداً منها، فليس فيه شيء يدل على صيامه ولا على إفطاره، ولكن الشأن أن حكمه حكم سائر الشهور، اللهم إلا ما جاء فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يميز على غيره كشعبان والمحرم وست من شوال، وهكذا.