قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصائم يحتجم.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام (ح) وحدثنا أحمد بن حنبل حدثنا حسن بن موسى حدثنا شيبان جميعاً عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي أسماء -يعني: الرحبي - عن ثوبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفطر الحاجم والمحجوم)].
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الصائم يحتجم أي: للصائم هل يحتجم أو لا يحتجم؟ ووردت الأحاديث في ذلك في الإفطار بها وفي فعلها، وأحاديث الإفطار بها هي الأرجح والأولى، والأخذ بها هو الأولى؛ لأن أحاديث الإفطار صريحة وواضحة في الإفطار، وأما الأحاديث الأخرى فهي محتملة.
ثم أيضاً هي باقية على الأصل وأحاديث الإفطار ناقلة عن الأصل كما قال ذلك ابن القيم رحمه الله، والناقل أولى من المبقي على الأصل.
أورد أبو داود حديث ثوبان؛ لأنه بدأ بأحاديث الإفطار كونها تفطر، فأورد حديث ثوبان وهو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) يعني: حيث حجم أو حصلت الحجامة في النهار وفي حال الصيام فإن الحاجم والمحجوم كل منهما قد أفطر، المحجوم لكونه خرج منه ذلك الدم الذي يكون سبباً في ضعفه، والحاجم: لأنهم كانوا فيما مضى يمصون المحجم بأفواههم، فقد يدخل بسبب هذا المص شيء من الدم إلى حلقه، وهو إن لم يكن متحققاً إلا أنه مظنة؛ ولهذا جاء أن النوم ينقض الوضوء؛ لأنه مظنة النقض، أي: مظنة أن يخرج منه ريح وهو نائم لا يدري عنها، وكذلك المص مظنة.
أما إذا كانت الحجامة بدون مص فإنه يفطر المحجوم دون الحاجم، كما حصل اليوم فيما بعد من وجود حجامة بدون أن يمص المحاجم، ويصل إلى جوفه شيء، فليس هناك شيء يتعلق به من حيث كونه مظنة الإفطار، وإنما الذي حصلت له الحجامة هو المحجوم، فقوله صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) أي: على ما كان معهوداً عندهم من أن الحاجم يمص المحاجم بفمه، وأن ذلك مظنة دخول شيء إلى جوفه من الدم الذي في المحاجم.