قال المصنف رحمه الله: [باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال: تقووا لعدوكم، وصام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) قال أبو بكر قال الذي حدثني: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر)].
ثم أورد أبو داود باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق.
يعني: ما حكم ذلك؟ فكون الإنسان يصب على نفسه الماء ويتبرد لا بأس بذلك، وقد جاء ما يدل عليه، وأما المبالغة في الاستنشاق فلا يبالغ في الاستنشاق وهو صائم؛ لأنه استثنى حالة الصيام من المبالغة في الاستنشاق؛ فالإنسان لا يبالغ؛ لأن مبالغته قد تؤدي إلى أن يذهب إلى جوفه شيء بسبب هذه المبالغة، ولكنه يستنشق بدون مبالغة، والصائم يصب على نفسه الماء من أجل التبرد ومن أجل تخفيف الحر والعطش عليه، وكذلك يتمضمض ولكنه يبالغ عندما يتوضأ في الاستنشاق إلا في حال الصيام، فإنه منهي عنه.
أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في غزوة الفتح.
قوله: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر، وقال: تقووا لعدوكم)].
فهم سافروا في رمضان إلى مكة لفتحها، وأمرهم بالإفطار ليتقووا بذلك على جهاد العدو؛ لأنهم إذا كانوا صائمين يحصل لهم ضعف بسبب الصيام، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بالإفطار ليتقووا، ويكون عندهم قوة ونشاط بسبب الأكل والشرب على عدوهم، وصام صلى الله عليه وسلم، وكان يصب على رأسه الماء من الحر أو العطش -شك من الراوي- فهذا يدل على جواز صب الماء من الصائم على نفسه من أجل الحر، ومن أجل تخفيف الحرارة التي عليه بسبب بالبرودة التي تكون على جسمه من الماء البارد، وأما الاستنشاق فإنه يبالغ فيه إذا لم يكن صائماً، أما إذا كان صائماً فإنه لا يبالغ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً).
قوله: [العرج].
العرج: مكان معروف عندهم.