قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده.
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده، يعني: يسمع أذان الصبح والإناء على يده، أي: ماذا يصنع؟ هل يشرب ويكمل الشرب أو ينزع ويترك؟
و صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان المؤذن الذي يؤذن يعتمد عليه في معرفة الوقت فإن الإنسان إذا كان قد بدأ يشرب فإنه يكمل الشرب، ولكنه لا يبدأ بعد الأذان، وكونه عندما يسمع الأذان يبادر ويذهب ليشرب لا يجوز له ذلك؛ لأن الأذان حصل بعد دخول الوقت، وإذا دخل وقت الفجر فإنه يمنع الأكل ويبيح الصلاة، أي: صلاة الفجر؛ لأنه جاء وقتها، والأكل ذهب وقته في حق من يريد أن يصوم.
فمن أذن المؤذن وهو يشرب فإنه يكمل الشرب، وإذا كان لم يبدأ فإنه لا يجوز له، وهذه المسألة من ضمن المسائل التي يقال فيها: يجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء، يعني: أن الإنسان لا يجوز له أن يبدأ الشرب، ولكنه إذا كان قد بدأ يكمل، وليس معناه أن الذي في فمه يقذفه ولا يشرب، بل يبلع الذي في فمه ويكمل أيضاً؛ لأن الذي جاء عنه التحديد جاء عنه استثناء هذه الحالة، فيجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء.
وقول المصنف: (باب في الرجل) كلمة الرجل هذه لا مفهوم لها، فكذلك المرأة.
ثم أيضاً لا يجوز أن يفهم من هذا أنه يمكن للإنسان أن يضع على يده كأساً ثم ينتظر الأذان، وإذا سمع الأذان بدأ يشرب، فهذا لا يجوز، بل يشرب ويقضي حاجته قبل ما يسمع الأذان، لكن إن بدأ يشرب وأذن المؤذن وقد بدأ فإنه يكمل وإن لم يبدأ فإنه لا يفعل.
وإذا لم يكفه الكأس فليس له أن يأخذ كأساً ثانياً، لأنه قال: (حتى يقضي حاجته منه) يعني: من الكأس الذي في يده.
وإذا كان يشرب شراباً مثل الماء فلا بأس، وأما الطعام كما هو معلوم فلا.