شرح حديث عدي بن حاتم (لما نزلت هذه الآية (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض))

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس المعنى عن حصين عن الشعبي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: (لما نزلت هذه الآية: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ)) [البقرة:187] قال: أخذت عقالاً أبيض وعقالاً أسود فوضعتهما تحت وسادتي، فنظرت فلم أتبين، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحك فقال: إن وسادك إذاً لعريض طويل، إنما هو الليل والنهار) وقال عثمان: (إنما هو سواد الليل وبياض النهار)].

أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه أنه لما نزل قول الله عز وجل: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] ظن أن الخيط الأسود والخيط الأبيض خيوطاً، فأخذ عقالين: واحداً أسود وواحداً أبيض وجعلهما تحت وسادته، وجعل ينظر إليهما حتى يتبين له الأسود من الأبيض، فجاء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (إن وسادك إذاً لطويل عريض) وفسر هذا بأن المقصود به: أن نومك كثير، وقيل: إن أكلك كثير، على اعتبار أنه يأكل حتى يحصل أنه يرى الفرق بين الخيطين الأبيض والأسود، وقيل: معناه: إذا كنت غطيت الشيء الذي ذكره الله عز وجل بوسادك -مع أن الذي ذكره الله إنما هو الأفق وبياض النهار وسواد الليل- إذاً وسادك الذي يغطي الأفق عريض.

وفرض الصيام كان في أول الهجرة وكان ذلك في السنة الثانية، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، وعدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه كان متأخر الإسلام، فيحمل قوله: (لما نزلت الآية) يعني: لما قرأ الآية أو بعدما أسلم وبلغته الآية وعلم الآية فهم منها هذا الفهم، وليس معنى ذلك أن نزولها كان متأخراً؛ لأن إسلام عدي بن حاتم كان متأخراً، والآية نزلت في وقت متقدم.

فإذاً: يحمل ذلك على علمه بها ووصولها إليه وقراءته إياها، وأنه لما أسلم وبدأ يصوم، وقرأ الآية فهمها هذا الفهم وعند ذلك جاء وسأل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال له ما قال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015