قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من سمى السحور الغداء.
حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا حماد بن خالد الخياط حدثنا معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان فقال: هلم إلى الغداء المبارك)].
أورد أبو داود باب من سمى السحور الغداء المبارك، والمقصود من هذه الترجمة أن السحور يقال له: غداء، وإنما قيل له: غداء؛ لأنه متصل بالغداة، يعني: أن أول النهار متصل به وقريب منه، ولهذا يقال لصلاة الفجر: صلاة الغداة، والغداء يكون قبل الزوال؛ لأن الغداء يكون في وقت الغداة، ووقت الغداة هو قبل الزوال، وما بعد الزوال يقال له: عشاء؛ لأنه من العشي؛ فالعشي يبدأ بالزوال والغداة تكون قبل الزوال.
وقيل للسحور: غداء؛ لأنه بمثابة الغداء؛ ولأنه متصل بالغداة.
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء عنهم في بعض الأحاديث الصحيحة أنهم قالوا: (ما كنا نقيل ولا نتغدى يوم الجمعة إلا بعد الجمعة)؛ لأنهم كانوا يبكرون بالصلاة، وأما قبل ذلك فكانوا يقيلون ويتغدون قبل الزوال؛ لأن عندهم وجبتين وليس ثلاث وجبات كما عندنا الآن: فطور وغداء وعشاء، والغداء والعشاء عندنا كله في العشي، فصار الغداء عشاءً والعشاء عشاءً؛ لأنهما واقعان في العشي، يعني: بعد الزوال، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يبكرون إلى الصلاة، ولذا قالوا: (ما كنا نقيل ولا نتغدى يوم الجمعة إلا بعد الصلاة) وقبل ذلك كانوا يقيلون ويتغدون قبل الصلاة وقبل الزوال.
أورد أبو داود حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور وقال: هلم إلى الغداء المبارك) وهذا مثل ما جاء: (تسحروا فإن في السحور بركة) فهنا في هذا الحديث قال: (مبارك)، وقال في الحديث الآخر: (بركة).