قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التقدم.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن مطرف عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، وسعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن عمران بن حصين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: هل صمت من شهر شعبان شيئاً؟ قال: لا، قال: فإذا أفطرت فصم يوماً)، وقال أحدهما: (يومين)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في التقدم، يعني: تقدم رمضان بالصيام، وهذه الترجمة تخالف ما تقدم من أنه لا يتقدم رمضان بيوم أو يومين، فذلك فيه نهي وهذا فيه الجواز، والتوفيق بين ما مضى وبين ما هنا أن ذلك التقدم إنما يكون في حق من كان ناذراً صيام آخر الشهر، أو كانت له عادة، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو يصوم يوم الإثنين والخميس، فإنه يصوم عادته التي هو مستمر عليها، وليس صيامه من أجل الاحتياط في رمضان.
وقوله: (فصم يوماً أو يومين) جاء في بعض الروايات أنه قال: (من سرر الشهر)، وسرر الشهر هو: آخره، وبهذا تتضح المخالفة لما تقدم، وإلا لو كان أي يوم من شعبان من أوله أو من وسطه فهذا ليس فيه إشكال، وإنما الإشكال في آخره، فقد جاء في بعض الروايات التنصيص على سرر الشهر، وسرر الشهر هو: آخر الشهر على القول الصحيح، فيحمل هذا على من كانت له عادة وترك تلك العادة ظناً أن ذلك لا يصلح ولا يجوز؛ فإنه يستمر على عادته ويقضي ذلك الذي فاته أو ذلك الذي تركه ظناً منه أنه لا يصام ما دام أن فيه تقدماً لرمضان بيوم أو يومين، ويأتي بدل ذلك الذي تركه وهو معتاده أو أنه ناذر له وظن أنه لا يجوز فإن عليه أن يأتي بقضائه في شوال.