شرح حديث: (وفطركم يوم تفطرون)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أخطأ القوم الهلال.

حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة رضي الله عنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه قال: (وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون، وكل عرفة موقف، وكل منىً منحر، وكل فجاج مكة منحر، وكل جمع موقف)].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب إذا أخطأ القوم الهلال، يعني: إذا حصل خطأ بأن كان الهلال موجوداً وهم لم يعرفوا أنه طلع، ففاتهم شيء من الشهر، وكذلك إذا حصل نقص فيه فصاموا يوماً ليس من الشهر، فإن صيامهم معتبر، فالصوم يوم يصوم الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، وكذلك الحج لو أنهم أخطئوا في الهلال ووقفوا بعرفة في غير يوم عرفة فإن وقوفهم صحيح وحجهم صحيح، ولا يقال: إن عليهم أن يقضوا؛ لأن الحج يوم يحج الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، والصوم يوم يصوم الناس، فحصول الخطأ الذي جاء عن اجتهاد لا يؤثر ولا يكون عملهم جميعاً غير صواب، وليس عليهم أن يقضوا، فحجهم صحيح وكذلك صيامهم صحيح.

وقوله: (وكل عرفة موقف) يعني: لا يظن أن الموقف هو المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أي مكان من عرفة حصل فيه الوقوف فإنه يصح الوقوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت ههنا وعرفة كلها موقف) يعني: ليس مكان وقوفه هو محل الوقوف فقط، وإنما عرفة كلها مكان للوقوف.

وقوله: (وكل منى منحر)، فالرسول نحر في مكان معين من منى، وهذا لا يعني أن النحر لا يكون إلا في هذا المكان، بل إذا حصل النحر في أي مكان من منى فقد حصل النحر؛ لأن منى كلها منحر، ولا يقتصر الأمر على المكان الذي نحر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من منى.

وقوله: (وكل فجاج مكة منحر)، أي: كما أن منى كلها منحر فمكة كلها منحر، فنحر الهدي يكون في منى ويكون في مكة، ولكن كونه في منى هو الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بمنى، وكون النحر يكون بمكة هو الأصل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وفجاج مكة منحر).

وقوله: (وكل جمْع موقف)، فالرسول صلى الله عليه وسلم وقف في مزدلفة في مكان معين، وليس الأمر مقتصراً على مكان وقوفه صلى الله عليه وسلم، بل كل جمع موقف، وأي مكان من جمع -وهو مزدلفة- بات فيه الإنسان ووقف فيه فإن ذلك صحيح ولا ضير عليه في ذلك ولا نقص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015