قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، قال عثمان: حدثنا وقال ابن العلاء: أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال: (من شاء لاعنته، لأنزلت سورة النساء القصرى بعد الأربعة الأشهر وعشر)].
أورد أبو داود هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود قال: من شاء لاعنته، يعني: باهلته، وهذا معناه أنه متوثق ومطمئن إلى الشيء الذي يتكلم فيه، وأن نزول سورة النساء القصرى -وهي سورة الطلاق- بعد الأربعة أشهر وعشر، يعني: كما هو في سورة البقرة، وجاء في سورة الطلاق: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4]، فقال: إن هذه متأخرة عن هذه، وليس هذا نسخاً وإنما هو تخصيص.
ثم أيضاً الواضح الجلي أن سورة الطلاق فيها علامة طلاق وليس فيها عدة وفاة، والذي في سورة البقرة هي عدة وفاة، وأما سورة الطلاق فليس فيها ذكر شيء عن الوفاة، وإنما هي كلها في المطلقات، لكن الأمر الواضح في الدلالة على أن المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل إذا كانت حاملاً هو حديث سبيعة الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو العمدة وهو الذي يعول عليه، وأما ذاك فهو محتمل؛ لأنه جاء عن طريق القياس والإلحاق، وأما هذا فهو نص في عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً، والنبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بأنها قد انتهت عدتها بوضع حملها، وأن لها أن تنكح إذا شاءت.