قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود حدثنا ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لقد عابت ذلك عائشة رضي الله عنها أشد العيب -يعني: حديث فاطمة بنت قيس - وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك رخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم].
ذكر المصنف رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت على فاطمة ذلك وقالت: إنما كان خروجها من أجل أنها كانت في مكان وحش، أي: في مكان غير مأمون، فمن أجل ذلك خرجت من بيت زوجها، وإلا فإن لها سكنى، فهذا هو الذي يقتضيه كلام عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
ومعلوم أن فاطمة رضي الله عنها أخبرت بخبرها وبالشيء الذي جرى لها، وكانت تقول: أي شيء يحدثه الله بعد الثلاث؟! تعني: أن ما جاء في القرآن مطابق لما جاء عنها، وأنه إنما هو في الرجعية التي تعتبر زوجة، وقد ذكرنا فيما مضى: أن الصحيح هو ما دل عليه حديث فاطمة بنت قيس: أنه لا سكنى للمطلقة المبتوتة ولا نفقة.
والكلام الذي قالته عائشة من التعليل لذلك غير واضح، وما جاء عن فاطمة بنت قيس هو أوضح وأبين، والتعويل على رواية الراوي أولى لاسيما وأنها عندما ذكر لها ما ذكر من الاعتراض عليها قالت: بيني وبينكم كتاب الله، ثم قالت: وأي شيء يحدثه الله بعد الثلاث؟