قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ادعاء ولد الزنا.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا معتمر عن سلم -يعني: ابن أبي الذيال - قال: حدثني بعض أصحابنا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا مساعاة في الإسلام، من ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته، ومن ادعى ولداً من غير رشدة فلا يرث ولا يورث)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب ادعاء ولد الزنا، وادعاء ولد الزنا لا يجوز في الإسلام، ولا يلحق ولد الزنا بالزاني، والأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر).
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا مساعاة في الإسلام)، والمساعاة هي: الزنا، وقد كانت الأمة في الجاهلية إذا كان عليها شيء لسيدها فإنه يرسلها لتزني وتأتي له بالخراج والضريبة أو الشيء الذي اتفق معها على أنها تأتيه به، وكانوا يُكرهونهن على ذلك، كما جاء في القرآن: {وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:33] يعني: غفور رحيم لهن وليس للذين أكرهوهن، فالله تعالى غفور رحيم للمكرهات، فكانت الأمة يرسلها سيدها لتجمع له، وكانت تفعل الفاحشة وتأخذ العوض على ذلك.
قوله: [(من ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته)] أي: أن الأنساب التي كانت في الجاهلية لا يقرها الإسلام، فإن الإسلام اعتبرها وكل من انتسب إلى أحد فإنه بقي على ما كان عليه، مع أن أنكحة الجاهلية فيها ما هو سائغ وفيها ما ليس بسائغ، فما حصل في الجاهلية بقي على ما هو عليه، ولكن بعد الإسلام يمنع من كل نكاح لا يجوز شرعاً.
قوله: [(ومن ادعى ولداً من غير رشدة فلا يرث ولا يورث)].
أي: من جعله في الإسلام ولداً وهو من الزنا فإنه لا يرث ولا يورث، وأما إذا كان هذا شيئاً حصل في الجاهلية ومضى في الجاهلية فتبقى أنساب الجاهلية وما حصل في الجاهلية على ما هي عليه.