قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الخلع.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الخلع]، الخلع هو: إنهاء عقد الزواج على عوض تدفعه المرأة للزوج لتتخلص منه بهذا المال الذي تدفعه إليه.
وقد أورد المصنف حديث ثوبان رضي الله عنه: [(أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)]، وهذا يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تسأل الطلاق إلا لأمر يقتضيه ويُحتاج إليه، أما أن تسأله من غير بأس ومن غير أمر يقتضيه ففيه هذا الوعيد الشديد الذي يدلنا على تحريمه وأنه لا يسوغ، وهو يدل على أن الطلاق ليس بمحبوب ولا مرغوب، وقد سبق حديث: (إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، وهذا يبين أن الطلاق إنما يُصار إليه للحاجة، وأن المرأة إذا سألت الطلاق من غير الحاجة فهي متوعَّدة بهذا الوعيد الشديد.
وذكره هنا في باب الخلع؛ لأن الخلع هو من قبل المرأة التي ترغب الخلاص من زوجها، وتدفع له شيئاً مقابل تخلصها منه، إما أن تدفع له مثل الذي دفعه أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقان عليه، إلا أنه لا ينبغي ولا يليق للزوج أن يأخذ من زوجته أكثر من المهر الذي أعطاها إياه.
ولا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا إذا كان لسبب من الأسباب المعتبرة، ككونها تبغضه أو أنه يعاملها معاملة سيئة فهذا من الأسباب التي تجعل المرأة تطلب الطلاق، أما مع الوئام والاتفاق وليس هناك شيء يقتضيه ففيه هذا الوعيد الشديد الذي جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(حرام عليها رائحة الجنة)] قيل: إن المقصود بذلك أن هذا من أحاديث الوعيد التي يجب أن يخافها الناس وأن يرهبوا مما جاء فيها من الوعيد.
ومن العلماء من قال: إن المقصود بذلك أنه في وقت دون وقت، بمعنى: أنه ليس حرام عليها الجنة دائماً وأبداً، وإنما لا يحصل لها ذلك كما يحصل لمن يدخل الجنة من أول وهلة، فإنها وإن دخلت النار إذا شاء الله أن تدخل النار فلا بد أن تخرج من النار وتدخل الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهلها، والذين لا سبيل لهم إلى الخروج منها، ولا سبيل لهم إلى دخول الجنة.
وليس هناك دليل يدل على أن الزوج يدخل في هذا الوعيد إذا طلق زوجته من غير حاجة، لكنه لا ينبغي ولا يليق وعليه أن يتقي الله عز وجل.