قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن سعيد عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه طلق امرأته ألبتة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما أردتَ؟) قال: واحدة، قال: (آلله!) قال: آلله، قال: (هو على ما أردتَ)].
أورد أبو داود نفس الحديث من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [حدثنا سليمان بن داود العتكي].
سليمان بن داود العتكي هو أبو الربيع الزهراني، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا جرير بن حازم].
جرير بن حازم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزبير بن سعيد].
الزبير بن سعيد لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة].
عبد الله هذا أيضاً لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
وبعده أبوه: مستور، أخرج له أبو داود.
ويزيد -الذي هو جد عبد الله - مجهول.
[قال أبو داود: وهذا أصح من حديث ابن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً؛ لأنهم أهل بيته وهم أعلم به، وحديث ابن جريج رواه عن بعض بني أبي رافع عن عكرمة عن ابن عباس].
سبق أن مر أن حديث ابن جريج هو الذي صح، وهو مطابق لحديث ابن عباس في أن الثلاث واحدة.
وأما قول أبي داود هذا ففيه هؤلاء المجاهيل الضعفاء الذين في إسناده، وتصريح أبي داود بأنه أصح لا يعني أنه يكون صحيحاً؛ لأن كلمة (أصح) إذا أضيفت إلى شيء آخر تعني: أنه أمثل من غيره، فلا يعني تصحيحه، وهذا مثلما يقال للمريضين: هذا أصح من فلان، وكل منهما مريض، يعني: أن هذا أحسن حالاً من هذا، فلا يعني بهذا التصحيح وإنما يعني تقديمه على غيره، وأما من حيث الإسناد فحديث ابن جريج هو الذي سبق أن عرفنا أنه ثابت، وأن الألباني صححه وذكر له شواهد.
وكلام أبي داود يفيد ترجيح هذا، لكنه ليس بصحيح، ذاك هو الصحيح، وهذا ليس بصحيح.
والفرق بينهما: أن هذا الصحابي غير الصحابي -أي: صاحب القصة هذا غير صاحب القصة ذاك- لأن هنا ركانة هو الذي طلق، وفي الحديث المتقدم أن المطلق عبد يزيد.
فهنا أبو داود يرجح أنه ركانة، وقوله: [وهذا أصح من حديث ابن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً] أي: أن الأصح أن ركانة هو الذي طلق امرأته، وليس عبد يزيد الذي جاء في رواية ابن جريج وإن كانت رواية ابن جريج هي الأصح.