قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي حدثنا معلى بن منصور حدثنا ابن المبارك حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة رضي عنها أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع شرحبيل بن حسنة.
قال أبو داود: حسنة هي أمه].
أورد أبو داود حديث أم حبيبة رضي الله عنها -وهي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين- أن النجاشي زوج الرسول صلى الله عليه وسلم إياها وأمهرها أربعة آلاف، أي: أربعة آلاف درهم، وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة.
قال أبو داود: [وحسنة هي أمه] يعني أن هذا الرجل منسوب إلى أمه، يعني: ليس اسم أبيه حسنة، وإنما هو اسم لأمه، ومعلوم أن كثيراً نسبوا إلى أمهاتهم لأنهم اشتهروا بذلك، مثل ابن علية، وكذلك ابن أم مكتوم، وكذلك أبي بن سلول، وعدد غيرهم.
قوله: [عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة].
أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وكان هاجر معها إلى الحبشة، فتنصر ومات نصرانياً - والعياذ بالله- وبقيت هناك، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل يخطبها، فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصدقها -أي: النجاشي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم.
وهذا لا يعارض ما تقدم؛ لأن هذا إنما حصل من النجاشي إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يعارض ما جاء من أنه ما أصدق واحدة من نسائه فوق خمسمائة درهم، فـ النجاشي دفع ذلك إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي ما جاء عن عمر رضي الله عنه مما تقدم؛ لأن هذا لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من النجاشي إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه دليل على أن الصداق يمكن أن يدفعه غير الزوج، وأنه يمكن أن يتحمله غير الزوج، فليس بلازم أن يكون الزوج هو الذي يدفع الصداق، فيمكن أن يدفعه غيره لهذا الحديث الذي فيه أن النجاشي أصدقها أربعة آلاف درهم.
وفيه دليل على جواز الصداق ولو كان كثيراً، لكنه خلاف الأولى، فالتسامح فيه والتساهل أولى، وإذا دفع شيئاً كثيراً فإنه لا مانع منه ولا بأس به.
قوله: [وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة].
شرحبيل لم يكن محرماً لها، لكن بعث بها معه ضرورة.