ومن العلماء من أضاف الكفاءة في النسب، فالعربي يتزوج العربية، والأعجمي يتزوج الأعجمية، والمولى يتزوج المولاة، ولكن ليس هناك شيء يدل على ذلك، ولكن أكثر العلماء على اعتبار الكفاءة في الدين والحرية والنسب، وكذلك الصناعة كما سيأتي.
ولا أعلم دليلاً يدل على منع تزوج العربي بالأعجمية، ولكنه إذا كان هناك مفاسد وأضرار يمكن أن تنشأ عن هذا، بأن يحصل من القبيلة شيء من المخاوف التي تخشى فإنه لا يفعل ذلك؛ لأن دفع الضرر الأكبر مطلوب، فترك زواج شخص من امرأة أهون من حصول فتنة، وحين لا يخشى شيء من ذلك فإنه ليس هناك مانع يمنع، وقد جاء ما يدل على ذلك، أي: على أن ذلك سائغ.
ولكن -كما قلت- إذا كان هناك أضرار تترتب على ذلك فإنه يترك ذلك التزويج.
ومما ذكروه التكافؤ والتماثل في الصناعة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن هذه الأمور الأربعة التي هي الدين، والحرية، والنسب، والصناعة معتبرة.
والصناعة شأنها شأن النسب، فإذا لم يترتب على الزواج مع اختلاف الحرفة مضرة فإنه لا مانع يمنع من الزواج.
ولكن إذا كان سيترتب على ذلك مضرة من القبيلة التي لا يوجد فيها تلك الحرفة، كأن يكون هناك من يعمل في الفحم -مثلاً- ثم أتى ليتزوج من أناس يكرهون هذا وخشي حصول فتنة، فإنه لا يصار إلى ذلك؛ لأن هذا شيء فيه مضرة، ومعلوم أن حصول الضرر الأشد ينبغي أن يتخلص من الوصول إليه بارتكاب ما هو دونه، وذلك إذا كان سيؤدي إلى ما هو أشد وإلى ما هو أخطر كما هو الحال في النسب كما أشرت إليه آنفاً.