قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قرأت على عبد الله بن نافع أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا تجعلوا بيوتكم قبوراً)] يحتمل معنيين وكل منهما صحيح: يعني: لا يدفنون الموتى فيها؛ لأن الدفن في البيت من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (الأنبياء يدفنون حيث يموتون) فدفن في بيته صلى الله عليه وسلم، والناس ليس لهم أن يدفنوا في بيوتهم وإنما يدفنون في المقابر.
المعنى الثاني: أي: لا تجعلوها شبيهة بالمقابر التي هي ليست أماكن للصلاة، حيث تخلو من الصلاة ومن قراءة القرآن، والتعبد إلى الله عز وجل فيها، بل عليكم أن تأتوا بهذه العبادات فيها، وألا تجعلوها شبيهة بالمقابر التي ليست أماكن للصلاة.
قوله: [(ولا تتخذوا قبري عيداً)] يعني: بتكرار الترداد عليه، ولهذا جاء بعده قوله: [(وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)] يعني: ليس الأمر مقصوراً على كونكم تأتون عند قبري، بل صلوا علي من أي مكان كنتم فيه؛ فإن صلاتكم تبلغني بواسطة الملائكة، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (إن لله ملائكة سياحين يبلغونني عن أمتي السلام).