قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنا عامر أخبرني عروة بن مضرس الطائي رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف -يعني: بجمع- قلت: جئت يا رسول الله من جبل طيء، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)].
أورد أبو داود حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه وكان قد جاء من طيء، وجاء متأخراً، ولكنه كان يقف في الأماكن كلها، يعني: ما ترك حبلاً من الحبال إلا وقف عليه، والحبل هو التل من الرمل وعرفة فيها شيء من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه).
يعني: أن من أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه، ويبقى الشيء الذي لا يفوت، مثل الطواف والسعي والأعمال الأخرى.
يقول بعض أهل العلم: إن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج، ويستدلون على ذلك بحديث عروة بن مضرس هذا، حيث قال فيه: (من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه) لكن الحديث الذي سبق أن مر: (من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فتم حجه) فهذا يدل على أن الركن هو عرفة، لكن أمر مزدلفة لا يستهان به؛ لأن بعض أهل العلم قال بركنيته، والركن لا يتم الحج إلا به، لكن القول الصحيح أنه ليس بركن وإنما هو واجب.
قوله: (وقضى تفثه)، يعني: قضى الأشياء التي يطلب منه أن يأتي بها، كتقليم الأظفار وحلق الرأس، وما إلى ذلك من الأشياء التي يباح للإنسان أن يأتي بها بعدما يكون قد أدى ما هو مطلوب منه، ولكن كما هو معلوم إنما يكون ذلك بعد الرمي.