قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك قال: (صليت مع ابن عمر رضي الله عنهما المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، فقال له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة؟ قال: صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة)].
قوله: [(صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين)] يعني: جمع بينهما، وكونه صلى المغرب ثلاثاً؛ لأن المغرب لا تقصر، وصلى العشاء ركعتين؛ لأنها رباعية فتقصر.
قوله: [(فقال له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة؟ قال: صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة)] إن كان المقصود أنها إقامة واحدة فهذا غير صحيح؛ لأن الذي جاء عنه وعن غيره أنها إقامتان، ويمكن أن يقال: إنها بإقامة واحدة لكل منهما، وبذلك يتفق هذا الحديث مع الروايات السابقة، ومع حديث جابر الذي وصف فيه حجة النبي عليه الصلاة والسلام، وذكر أنه صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
ولما ذكر ابن القيم رحمه الله هذه المسألة -وهي مسألة الأذان الواحد والإقامتين- قال: إن الراجح أنها أذان واحد وإقامتان، وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن حديث جابر رضي الله عنه جاء مثبتاً للأذان والإقامتين، والأحاديث التي سواه فيها اضطراب، فمرة يقال: إقامة، ومرة يقال: إقامتان، أما حديث جابر فإنه ذكر أنه صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
الوجه الثاني: أن الحكم في صلاة المغرب والعشاء مثل الحكم في صلاة الظهر والعصر، وقد جاءت الأحاديث في صلاته لهما بأذان واحد وإقامتين، إذاً المغرب مع العشاء مثلها.
إذاً: الأذان الواحد والإقامتان هو القول الراجح؛ لأن حديث جابر ليس فيه اضطراب، ولأن الحكم في صلاة المغرب والعشاء كالحكم في صلاة الظهر والعصر، وقد حصل أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين.