قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة بجمع.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)].
قوله: [باب الصلاة بجمع].
أي: يجمع بين صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة ليلة يوم النحر؛ لأن الإنسان يدفع من عرفة إذا غابت الشمس ولا يصلي بعرفة المغرب والعشاء ولا بالطريق، وإنما يستمر في السير حتى يصل المزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جميعاً.
لكن إذا تأخر الإنسان في السير أو حصل له مانع يمنعه من الوصول إلى مزدلفة قبل نصف الليل، فإنه يصلي المغرب والعشاء قبل منتصف الليل في الطريق؛ لأن الصلاة لا تؤخر عن وقتها، والإنسان إذا مشى من عرفة إلى مزدلفة فإن وصل إليها مبكراً في وقت المغرب جمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، وإن لم يصل إليها إلا بعد دخول وقت العشاء فإنه يجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير، وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، كما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هذا الحديث: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)] يعني: جمع بينهما، على خلاف ما كان معروفاً عنه في منى، فإنه كان يصلي كل صلاة في وقتها قصراً في الرباعية بدون جمع، وأما في عرفة فيجمع فيها بين الظهر والعصر جمع تقديم في أول الوقت، ويجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة إذا وصل إلى مزدلفة قبل نصف الليل، سواء وصل في وقت المغرب فيكون جمع تقديم، أو وصل في وقت العشاء فيكون جمع تأخير، ويكون ذلك بأذان واحد وإقامتين، كما حصل بالنسبة للظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين.
فالمقصود من قول أبي داود رحمه الله: [باب الصلاة بجمع] يعني: صلاة المغرب والعشاء.
وأما التطوع والتنفل فلا يشرع في تلك الليلة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام رقد بعد أن جمع بين المغرب والعشاء، ولكن الوتر لا يترك، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على الوتر في الحضر والسفر، ولم يكن يحافظ على شيء في الحضر والسفر كما كان يحافظ على ركعتي الفجر والوتر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.