قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين)].
قوله: [(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين)].
يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول طواف يحصل منه إذا قدم مكة أن يسعى ثلاثاً ويمشي أربعاً، والسعي هنا هو الرمل الذي مر الكلام عليه في الدرس الماضي، وهو الإسراع مع مقاربة الخطا، وقد عرفنا أصله وأنه كان في عمرة القضية وأن الكفار كانوا يقولون: (يقدم عليكم قوم وهنتهم الحمى)، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وإذا جاءوا بين الركنين حيث يكونون متوارين عن الكفار فإنهم يمشون، ثم يمشون في الأشواط الأربعة الباقية، وجاء في الحديث أنه لم يمنعهم من أن يرملوا الأشواط كلها إلا من أجل الإبقاء عليهم وعدم المشقة عليهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف)] هذا يدل على أن هذه الهيئة التي هي الرمل إنما تكون في أول طواف، وهو طواف العمرة في حق من كان معتمراً وطواف القدوم في حق من كان قارناً أو مفرداً، فإنه يسن في هذا الطواف شيئان: أحدهما: الرمل، وذلك في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والثاني: الاضطباع، وهو جعل الرداء تحت الإبط الأيمن وسدله على الكتف اليسرى، فتكون اليد اليمنى مكشوفة كلها من المنكب إلى الأصابع، واليسرى مغطاة بالرداء الذي هو موضوع عليها في الأصل، والرداء الذي سدل فوق الرداء الذي كان عليها، فهاتان سنتان من سنن الطواف التي تحصل من الإنسان إذا قدم مكة، إن كان متمتعاً فطواف العمرة، وإن كان قارناً أو مفرداً فطواف القدوم.
قوله: [ثم يصلي سجدتين]، يعني: ركعتي الطواف، والمقصود بالسجدتين الركعتين؛ لأنه يعبر عن الركعة بالسجدة، ويأتي كثيراً ذكر السجدة ويراد بها الركعة الكاملة.
ووجه إيراد هذا الحديث في الدعاء في الطواف: هو أن ركعتي الطواف من الأمور المسنونة والتي هي مكملة للطواف، والدعاء في الصلاة مشروع، يعني: على اعتبار أن الركعتين التابعتين للطواف يكونان في نهاية الطواف، وهما يشتملان على الدعاء.