قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي].
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتاب الستة إلا ابن ماجة.
وقد كان ابن معين وابن المديني وغيرهما لا يقدمان عليه أحداً في الموطأ؛ لأن الذين رووا الموطأ عن مالك كثيرون ومنهم: عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وهذا هو أول شيخ روى عنه أبو داود في سننه، عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي أحد رجال أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
وسبق أن مر بنا في سنن النسائي ومسلم والبخاري أن أول شيخ روى عنه النسائي هو قتيبة بن سعيد، وأول شيخ روى عنه مسلم هو زهير بن حرب أبو خيثمة، وأول شيخ روى عنه البخاري هو عبد الله بن الزبير المكي، وأول شيخ روى عنه ابن ماجة هو قتيبة، كـ النسائي، وأول شيخ روى عنه الترمذي هو أبو بكر بن أبي شيبة، فهؤلاء هم الذين حصل البدء بهم في هذه الكتب الستة.
كلهم من الثقات، وفيهم من اتفق أصحاب الكتب الستة على الإخراج له، وفيهم من لم يخرج له بعضهم، ولا يعني عدم التخريج لشخص أو لرجل من الذين كتبوا في الصحيح، أو الذين يروون عن الثقات أن يكون فيه كلام؛ لأن الذين كتبوا في الصحيح ما كتبوا كل حديث صحيح، ولا أوردوا في مؤلفاتهم كل حديث صحيح، وإنما أوردوا جملة كبيرة من الصحيح، وكذلك لم يخرجوا عن كل ثقة، فكم من ثقة لم يخرج له أصحاب الصحيح وغيرهم، ولا يعني هذا أن فيه كلاماً؛ لأنهم لم يلتزموا أن يخرجوا كل حديث صحيح، ولم يلتزموا أن يخرجوا عن كل شخص ثقة، فكم من ثقة خرج له البعض ولم يخرج له البعض الآخر! لا لقدح فيه، بل هو عنده حجة ولكنه ما اتفق له أن يخرج عنه؛ لأن الأحاديث التي اختارها ليس في إسنادها ذلك الشخص الثقة.
[حدثنا عبد العزيز - يعني: ابن محمد -].
أي: ابن محمد الدراوردي فكلمة (يعني) هذه جاءت في نسب عبد العزيز الدراوردي؛ لأن تلميذه عبد الله بن مسلمة بن قعنب لما روى عنه ما زاد على كلمة عبد العزيز، وإنما قال: حدثنا عبد العزيز فقط، فالذي جاء بعده -وهو أبو داود - أراد أن يوضح من هو عبد العزيز هذا الذي أهمل نسبته عبد الله بن مسلمة بن قعنب تلميذه، فأراد أن يوضحه ولكن لما أراد توضيحه أتى بكلمة (يعني) حتى يفهم منها أن ذكر النسب ليس من التلميذ، ولكنه ممن دون التلميذ.
ولو أن من دون عبد الله بن مسلمة قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي لظن أن القائل هو التلميذ.
وهذا من دقة علماء أهل الحديث وعنايتهم؛ إذ أن الشخص إذا كان مهملاً في الإسناد فإن من دون تلميذه لا ينسبه أو يزيد في نسبه بدون أن يبين، بل يأتي بشيء يوضح به ذلك المهمل بكلمة مثل: (يعني) حتى يفهم منها أنها للتوضيح والبيان زادها من دون التلميذ.
وعلى هذا فكلمة (يعني) فعل مضارع له فاعل وله قائل، ففاعله: ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، وهو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، وقائل هذه العبارة هو من دون التلميذ، سواء كان أبو داود تلميذ عبد الله بن مسلمة بن قعنب أو الذي روى عن أبي داود، أو الذين تحت أبي داود؛ إذ من المعلوم كلمة (يعني) تأتي أحياناً في شيخ المصنف، وقد مر بنا في سنن النسائي مثل هذا، حيث يقول النسائي: أخبرنا فلان يعني: ابن فلان، أو أخبرنا فلان وهو ابن فلان.
وهذه لا تكون من النسائي، وإنما تكون ممن دونه؛ لأن النسائي كما سبق أن عرفنا أحياناً يذكر بعض شيوخه في سطر، حيث ينسبه ويقول: فلان بن فلان بن فلان بن فلان إلى آخره، وأحياناً لا ينسبه، فيأتي من دونه فيأتي بكلمة (يعني) أو كلمة (هو).
وعلى هذا فإن من دون التلميذ إذا أراد أن يوضح هذا المجمل الذي لم ينسبه شيخه فإنه يأتي بما يوضح، لكن يأتي بكلمة (يعني) أو بكلمة (هو).
فقائل (هو) أو: (يعني): هو من دون التلميذ.
وعبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد -يعني: ابن عمرو -].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي صدوق له أوهام أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وكلمة (يعني) يقال فيها كما قيل في التي قبلها، يعني: أن تلميذه عبد العزيز بن محمد الدراوردي لما روى عنه ما زاد على قوله: عن محمد، فلم يزد ابن عمرو، فـ عبد الله بن مسلمة القعنبي الذي هو تلميذ تلميذه أو أبو داود أو من دونه هو الذي زاد كلمة (يعني)، فالتي عند عبد العزيز بن محمد الزائد لها أبو داود أو من دونه، وأما (يعني) التي جاءت مع محمد بن عمرو فالزائد لها عبد الله بن مسلمة القعنبي أو من دونه؛ لأن عبد الله بن مسلمة القعنبي ليس تلميذه وإنما تلميذه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فـ عبد العزيز بن محمد، قال: حدثنا محمد، ومن دونه إما عبد الله بن مسلمة القعنبي أو أبو داود أو من دون أبي داود هو الذي أضاف أو أتى بكلمة (يعني): ابن عمرو.