قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش بإسناده بهذا الحديث، قال: (ما كنت أرى باطن القدمين إلا أحق بالغسل، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه)].
أورد أبو داود رحمه الله هذا الأثر عن علي من طريق أخرى، وبلفظ مقارب ومتفق من حيث المعنى للأول، ويختلف عنه في بعض الألفاظ فقال: (ما كنت أرى باطن الخفين إلا أحق بالمسح، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر قدميه) وهو دال على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسح على ظهر القدمين، وهذه هي السنة، وهذا هو التشريع، وهذا هو الحق الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، والشيء الذي كان يراه علي أو الذي كان في ذهن علي أن هذا أحق، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم تبين له أن رأيه أو الشيء الذي كان قد انقدح في ذهنه أنه أحق ليس هو الأحق؛ لأن المعتبر هو الدليل.
ثم أيضاً فيه شيء آخر من ناحية المعنى: وهو أن مسح أعلى القدم أو أعلى الخف يختلف عن مسح أسفل الخف؛ لأنه لو كان المسح في أسفل الخف فيمكن أن يكون الخف في أسفله نجاسة، والإنسان لا يعلم بها، فإذا مسح علقت النجاسة بيده، فأسفل الخف يباشر الأرض، وقد يقع على النجاسات وما إلى ذلك، فكان من الحكمة أن يكون المسح في أعلاه وليس في أسفله.
فهذا من ناحية المعقول ومن ناحية المعنى أيضاً، يعني: على أن الأعلى هو الأولى وأن الأسفل لو كان المسح فيه لكان كذا، لكن الشريعة جاءت بخلافه.
والمسألة فيها خلاف، فبعض أهل العلم قال: يمسح ظاهر الخف وأسفله، لكن الذي تدل عليه النصوص وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المسح على ظهر القدم دون أسفله.