شرح حديث: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الطيب عند الإحرام.

حدثنا القعنبي عن مالك ح وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت)].

أورد أبو داود باب: الطيب عند الإحرام، أي: استعمال الطيب قبل أن يحرم الإنسان، وإذا بقي معه بعد ذلك على رأسه، أو على لحيته، أو على وجهه فلا بأس به، فاستدامته جائزة، ويجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء، ولا يجوز له أن يبتدئ الطيب ويتطيب بعد الإحرام.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب (إعلام الموقعين) مسائل كثيرة من هذا النوع، أي: ما يجوز من الاستدامة ولا يجوز في الابتداء، وذكر جملة من الأمثلة التي هي من هذا القبيل، وقد أشرت إلى مكانه في الفوائد المنتقاة من فتح الباري والكتب الأخرى.

وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت تطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) أي: وقبل أن يذهب إلى مكة للطواف فتطيبه بعد رميه الجمرة، وبعد حلقه ما بقي عليه، إلا أن يذهب إلى مكة صلى الله عليه وسلم.

فدل هذا على أن استعمال الطيب وإن كان من مقدمات النكاح فإنه يجوز بعد التحلل الأول، والنكاح لا يجوز إلا بعد التحلل الثاني، وهو الإتيان بالطواف والسعي لمن كان عليه سعي؛ لأن التحلل الكامل يكون بفعل الأمور الثلاثة وهي: الرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي لمن كان عليه سعي.

وإذا طاف وفعل الرمي أو الحلق، فإنه يجوز له أن يتطيب ولكن لا يجوز له أن يأتي النساء حتى يأتي بالتحلل الكامل الذي هو فعل ما سلف.

وقول عائشة: (كنت أطيب) هذا مثال ذكره الحافظ ابن حجر في أن (كان) قد تأتي لغير الاستمرار والدوام، فالغالب في استعمال (كان) أنها للدوام، ولكنها قد تأتي لغير التكرار مثل هذا الحديث، فهو صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة، فلم تطيبه لحله إلا مرة واحدة، ومع ذلك عبرت بقولها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه ولحله قبل أن يطوف بالبيت).

ويوضع الطيب على الرأس والجبهة وعلى جسم الإنسان، وأما ثيابه فلا تطيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015