قبل أن نبدأ بالسنن أحب أن أذكر بعض الكتب التي صنفها العلماء حول هذا الكتاب.
فالكتاب قد اختصر وشرح، ومن اختصاره تهذيب الحافظ المنذري له، فإنه هذبه وحذف أسانيده، وبعد إيراد الحديث يذكر من خرجه من أصحاب الكتب الأخرى، فكتاب المنذري رحمة الله عليه تهذيب السنن هو اختصار لسنن أبي داود، وفيه مع الاختصار الإشارة إلى التخريج في بقية الكتب الخمسة من الكتب الستة.
وللعلامة ابن القيم تعليقات على مختصر المنذري في بعض الأحاديث وليس كلها، ولكنه أثنى عليه ثناء عظيماً، وقال: إنه قد أحسن في تهذيبه حتى لم يدع للإحسان موضعاً، أي ما ترك مجالاً؛ لأنه في انتقائه واختصاره وعنايته أحسن إحساناً عظيماً وقام بعمل جليل.
وله حاشية عليه فيها شرح لبعض الأحاديث، يطيل في بعض الأحيان حتى يكون كلامه على الحديث بمثابة جزء، فإنه يقوم باستيعاب وبيان الفقه والأحكام وأقوال العلماء، ويتوسع في بعض المواضع، وفي بعضها يختصر، وكثير منها لا يعلق عليها شيئاً، وقد طبع.
وكذلك معالم السنن للخطابي، فإنه يذكر الكتاب، ويذكر الباب، ولكنه لا يستوعب حيث يقول: من باب كذا ثم يذكر بعض الأحاديث ويشرحها، فهو بمثابة الاختصار، ولكنه يشرح تلك الأحاديث التي يوردها وكلامه في التبويب يشير إلى انتقائه واختصاره حيث يقول: من باب كذا، ثم يذكر بعض الأحاديث التي انتقاها ويشرحها.
وقد طبعت الثلاثة التي هي تهذيب المنذري أو مختصر المنذري، ومعالم السنن للخطابي، وحاشية ابن القيم على مختصر المنذري بمصر بعناية الشيخ محمد حامد الفقي رحمة الله عليه في ثمانية مجلدات.
ولكن التمييز بين كلام ابن القيم وكلام المنذري وكلام الخطابي يحتاج إلى جهد، من جهة أن ابن القيم أحياناً يطول فيحتاج إلى أن يسوق صفحات كلها ل ابن القيم، وأحياناً لا يذكر شيئاً.
وقد طبعت معالم السنن للخطابي وحدها في مجلدين بعناية راغب الطباخ، وطبع كتاب ابن القيم مع عون المعبود في بعض الطبعات، وعون المعبود للطيب الآبادي الهندي شرح مختصر ومفيد، وهناك شروح أطول منه، ولكن منها ما هو غير كامل، وإنما وجد أوله مثل غاية المقصود لأحد علماء الهند، وكذلك أيضاً ظهر في مصر المنهل العذب المورود للساعاتي وهو شرح فيه العدد القليل، ولكن الكتاب المشهور والموجود والذي هو كامل هو عون المعبود للطيب الهندي وهو في متناول الأيدي، وله شروح أخرى مذكورة في كشف الظنون وفي غيره من الكتب التي تذكر المؤلفين ومؤلفاتهم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.