قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا الفريابي حدثنا سفيان عن عمران البارقي عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك، أو يدعوك)].
أورد أبو داود حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله) يعني: غازياً في سبيل الله، وهذا قد مر في السابق.
قوله: (أو ابن السبيل)، وهذا ليس في الرواية السابقة، لكنه يدخل أيضاً؛ لأن ابن السبيل المنقطع ولو كان غنياً في بلده فإنه يعطى ما يوصله إلى بلده.
قوله: (أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك، أو يدعوك) وهذا مثل الأول، ومعنى ذلك أن يصنع وليمة فيدعوك لتأكل منها، فهي صدقة عليه، وبعد أن ملكها فإنه يتصرف فيها بالإهداء أو بالإطعام، فلا حرج على الغني بأن يتناول شيئاً من طعام الفقير الذي تصدق به عليه، أو يقبل هدية منه، ويشبه ذلك ما جاء في قصة بريرة رضي الله عنها أنه تصدق عليها وأنهم أكلوا مما تصدق به عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هو لها صدقة، ولنا هدية) يعني: منها، فدل هذا على أن الفقير إذا ملك شيئاً فإنه يتصرف فيه كيف يشاء إما بالإهداء، أو بالإطعام، وأنه لا حرج على الغني إذا أكل أو طعم من طعام المتصدق عليه، أو أخذ هدية من المتصدق عليه، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه زيادة ابن السبيل.