قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي حدثنا يحيى -يعني: القطان - عن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثني صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسجد وبيده عصا وقد علق رجل قنا حشفاً فطعن بالعصا في ذلك القنو وقال: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها، وقال: إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة)].
أورد أبو داود حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وبيده عصا، وهناك قنو معلق في المسجد صدقة لمن يريد أن يأكل منه، وكان ذلك القنو حشفاً، والحشف هو التمر الرديء الذي صار يابساً؛ ولهذا يضرب المثل للرداءة بالحشف، وإذا جمع الإنسان بين خصلتين دنيئتين قالوا: أحشفاً وسوء كيلة؟! يعني التمر نفسه رديء، وأيضاً الكيل فيه خلل، فجمع بين الخصلتين المكروهتين، فالرسول صلى الله عليه وسلم طعن بالعصا فيه وقال: (لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها)، وهذا فيه إرشاد وتنبيه إلى التصدق بما هو خير وبما هو أولى، لكن إذا كان الإنسان كل ما عنده من هذا القبيل فهو معذور، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] لكن إذا كان عنده ما هو خير من ذلك فالأولى للإنسان أن يتصدق بما هو خير، ولا يتصدق بما هو سيئ ورديء.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة)، ومعنى هذا أن أجره على قدر العمل وعلى قدر الإحسان، فإذا كان عمله قليلاً وعمله ضعيفاً فإنه يحصل أجراً قليلاً على قدر عمله وعلى قدر فعله، وقيل: إنه يأكل ذلك حقيقة والله تعالى أعلم.