قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب متى يخرص التمر حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود، فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه)].
المقصود من هذا الباب أنه يخرص النخل إذا بدأ يطيب ويؤكل منه؛ ليتمكن صاحبه من الاستفادة منه، وليحفظ حق الفقراء والمساكين، وكذلك العنب يخرص عندما يستوي والناس يأكلونه عنباً، وإذا حصلت جائحة بعد ذلك فإنه لا يلزمه؛ لأن الحق إنما يثبت عند سلامته، أما لو حصلت جائحة عليه فإن الإنسان لا يلزم أن يدفع شيئاً وقد اجتيح ماله وأصابته جائحة.
ومعنى الخرص أن يأتي العامل إلى النخل وينظر فيه، فيقول: هذه النخلة تساوي كذا صاعاً، وهكذا يمشي بين النخل ويقدر كم تساوي، فيخرج بنتيجة هي أن ثمرة هذا البستان تبلغ كذا وكذا، كما خرص الرسول صلى الله عليه وسلم حديقة المرأة وقال لأصحابه: (اخرصوا) وهو خرص وقال: (إنها تبلغ عشرة أوسق)، وقال: (إذا رجعنا أخبرينا بما خرج) فلما رجعوا وقد حصل الجذاذ والكيل قالت: إنها أخرجت عشرة أوسق طبقاً لما خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالخرص هو الحصر والتقدير، ولابد أن يكون الخارص من أهل النظر والخبرة والمعرفة، وبعض العلماء قال: إنه تخمين وليس بيقين فلا يعول عليه، ولكن مادام أنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه طريق شرعي.