قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن الحسين الدرهمي حدثنا ابن داود عن بكير بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير (أن جريراً رضي الله عنه بال ثم توضأ فمسح على الخفين وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح؟! قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (أنه بال ومسح على خفيه وقال: ما يمنعني أن أمسح عليهما وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك؟! قالوا: إنما كان ذلك قبل المائدة) المقصود بذلك: أن آية المائدة فيها غسل الرجلين، يعني: ويكون هذا قبل المائدة فيكون منسوخاً بآية المائدة، فقال رضي الله عنه: وهل أسلمت إلا بعد المائدة؟ يعني: أن إسلامه كان متأخراً، ومعنى هذا: أنه أسلم بعد نزول آية غسل الرجلين، فيكون القرآن بين أن حكم الرجلين الغسل حيث تكونان مكشوفتين، وبينت السنة المتواترة أن حكمهما المسح حيث تكونان مغطاتين بالخفاف أو الجوارب، ولهذا أخبر جرير رضي الله عنه بأنه إنما أسلم بعد المائدة، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمل عنه بعد إسلامه، ورآه يمسح، وقد سبق أيضاً المسح في قصة المغيرة بن شعبة، وكان ذلك في غزوة تبوك، وغزوة تبوك هي آخر الغزوات التي غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت في السنة التاسعة، يعني: أن ذلك كان في زمن متأخر فلا يكون حكم المسح على الخفين منسوخاً، فالغسل للرجلين ثابت بالقرآن حيث تكونان مكشوفتين، والمسح على الخفين ثابت بالسنة المتواترة حيث تكون الرجلان مستورتين بالخفاف أو الجوارب.
وهذا الحديث يدل على المسح على الخفين وهو كغيره من الأحاديث الأخرى الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها المسح على الخفين.