قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أين تصدق الأموال.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في بيان أين يأخذ المصدق الصدقات، يعني: هل يذهب إلى أصحاب الأموال والمواشي على مياههم التي يردون عليها، أم أنه يجلس في مكان معين ويرسل للناس أن يأتوا إليه بمواشيهم؟
صلى الله عليه وسلم العامل يذهب إلى أصحاب المواشي على مياههم، ولا يكلفهم مشقة الذهاب إليه، والتحول من الأماكن التي يسرحون فيها في البراري، ولا يجعلهم ينتقلون من مكان إلى مكان ليأتوا إلى المصدق فيدفعوا إليه الزكاة، وإنما يأتي إليهم على المياه، وينتقل من ماء إلى ماء ويأخذ الزكاة على المياه، وهذا فيه رفق بالناس وعدم إدخال مشقة عليهم.
هذا هو المقصود من الترجمة، أي: أن الزكوات تؤخذ منهم على مياههم، ولا يجلس العامل في مكان ثم يرسل إلى الناس أن يأتوا إليه.
أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا جلب ولا جنب)] المراد بالجلب: هو كون المصدق يكون في ناحية من النواحي ويطلب من أصحاب الأموال أن يجلبوا أموالهم إليه، وأن يسوقوها إليه من أجل أن يأخذ منهم الزكاة، هذا هو المقصود بالجلب فيما يتعلق بزكاة المواشي.
وله معنى آخر فيما يتعلق بالسباق، وهو أن يجعل فرساً آخر بجانب الفرس الذي يسابق عليه حتى يتحول إليه، أو أن أناساً يصيحون بالفرس من أجل أن يزيد في العدو، فجاء الجلب بهذا المعنى وبهذا المعنى، لكن الذي يطابق الترجمة هو المعنى الأول، وهو كون العامل يكون في ناحية من النواحي ويأمر أصحاب الأموال أن يأتوا إليه.
وكذلك فسر الجنب بهذا المعنى، وهو أن يكون في جانب من الجوانب التي فيها المياه، ثم يأمر الناس أن يأتوا إليه، فيكون قريباً من معنى الجلب.
قوله: (ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) هذا تأكيد للمعنى الأول، يعني: إلا في أماكنهم وفي مياههم، فقوله: (لا تؤخذ إلا في دورهم) هو بمعنى قوله: (لا جلب)؛ لأنه لو كانت الصدقات لا تؤخذ من الناس في دورهم وفي مياههم فإنهم سيذهبون بها ويجلبونها إلى العمال من أجل أن يأخذوا منها الزكاة.