قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي بكر -يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد - أنه سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن أنه شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يسأل بلالاً رضي الله عنه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه).
قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مرة].
أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال بن رباح رضي الله عنه أن عبد الرحمن بن عوف سأله عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالإداوة فيتوضأ منها ويمسح على عمامته وعلى موقيه) والموقان هما: الخفان، وقيل: إنهما خفان قصيرا الساق، ولكن المسح يكون على ما يغطي الكعبين؛ لأن من شرط المسح على الخفين أن يكونا ساترين لمحل الوضوء، وحده: الكعبان، فالخفان لابد أن يكونا ساترين للكعبين.
والحديث فيه المسح على الخفين، وفيه أيضاً المسح على العمامة، والمسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت من طرق متعددة، فالحديث وإن كان فيه مجهول إلا أن ما فيه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يحصل الانفراد والاستقلال بروايته عن طريق هؤلاء المجهولين، وإنما جاء ذلك عن كثير من الصحابة، وليس فيه شيء جديد زائد عن الذي ثبت في الأحاديث الأخرى، فيكون الحديث من حيث المتن صحيحاً، ولكنه من حيث الإسناد ضعيف؛ لأن فيه هذان المجهولان اللذان في إسناده، لكن المسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت، فيكون هذا مما له أصل، وهو شاهد للأصل، وليس التعويل عليه، ولا الاستناد إليه، وإنما الاستناد إلى غيره، وكونه جاء موافقاً لغيره يدل على أنه معتبر، وأنه جاء مطابقاً لما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من حيث الإسناد ضعيف، لكنه من حيث المتن صحيح، وليس الحكم مبنياً على أسانيد فيها ضعف، بل الحكم مبني على أسانيد صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما جاء فيه ضعف ولم يكن فيه زيادة عما ثبت في الأحاديث الصحيحة في مسح العمامة ومسح الخفين فإنه يكون معتبراً.