أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه لما استخلف كان من أجل أعماله الوقفة الشجاعة التي قام بها في إرجاع الناس إلى ما كانوا عليه في زمن النبوة، سواء من خرجوا من الدين أو امتنعوا من دفع الزكاة، فكان موقفه رضي الله تعالى عنه وأرضاه شجاعاً قوياً مع أنه معروف بلينه وبسهولته، وكانت جهوده منصبة ومتجهة إلى إصلاح الخلل الذي حصل في المسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يعود الأمر إلى ما كان عليه في زمن النبوة، ثم بعد ذلك يتجه إلى الفتوحات وإلى الجهاد في سبيل الله لإدخال الناس في الدين.
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يرى خلاف رأيه فقال: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا -لا إله إلا الله، فمن قال- لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل)؟ فقال أبو بكر: والله! لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله! لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعه.
ثم إن عمر رضي الله عنه وأرضاه اتضح له فيما بعد أن هذا الذي شرح الله له صدر أبي بكر هو الحق.
هذا وعمر معروف بشدته وقوته في دين الله عز وجل، فسبقه الصديق رضي الله عنه إلى القوة والشدة في هذا الموطن، فقاتل الناس حتى يرجعوا إلى ما كانوا عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل)، ففيه ذكر المقاتلة على الصلاة وعلى الزكاة، وأنه لا بد من مجموع هذه الأمور: أن يؤتى بالشهادتين، وأن يؤتى أيضاً بأهم وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهما الصلاة والزكاة.