قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن هانئ بن عثمان عن حميضة بنت ياسر عن يسيرة رضي الله عنها أخبرتها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات)].
قوله: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل)] يعني: أن يكون التسبيح والتهليل والتقديس والتكبير بالأنامل.
قوله: [(فإنهن مسئولات مستنطقات)] أي: مسئولات يوم القيامة حيث يختم على الأفواه وتشهد الأيدي والأرجل وتنطق بما كان يعمل الإنسان، كما قال الله عز وجل: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [فصلت:21] يعني: أن الله عز وجل يجعلها تتكلم، وكلامها هو على هيئة لا تعرف، وهذا مما يوضح بطلان قول بعض المبتدعة القائلين: لو كان الله يتكلم بكلام يسمع للزم أن يكون مثل المخلوقين؛ لأننا لا نعقل كلاماً إلا مثل كلام المخلوقين، فهذا كلام من كلام المخلوقات، ومع ذلك ليس بالطريقة التي نعقلها، فكون الإنسان يتكلم بلسان وشفتين ولهاة وحنجرة ومخارج حروف، فالله تعالى يخلق فيها الكلام وينطقها الذي أنطق كل شيء، بل وجد في الدنيا ما يدل على ما جاء في ذلك يوم القيامة، كما في الحديث الذي في صحيح مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر على حجر بمكة فيسلم عليه) يعني يقول: السلام عليك يا محمد، كيف تكلم هذا الحجر؟ هل تكلم بلهاة وحنجرة ومخارج حروف؟! لا، بل أنطقه الله الذي أنطق كل شيء، وإذا كان هذا الحجر -وهو مخلوق من مخلوقات الله- تكلم وما عرفنا كيف تكلم فكيف نتكلف ونقول: إنه لا يعقل أن الله يتكلم، ولو تكلم بصوت يسمع للزم أن يكون مثل كلامنا؟ فهذه مخلوقات تكلمت كلاماً ليس بالطريقة التي نعقلها ونشاهدها ونعاينها.
إذاً: فالله تعالى يتكلم ولا نعرف كيف تكلم، ولا نقول: لو أثبتنا له الكلام بصوت يسمع للزم أن يكون كذا وكذا، فهذا مخلوق وجد منه الكلام ولم يلزم أن يكون مثل ما كنا نعقل.
قوله: [(أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل)].
يعني: عندما يلتزمن بعدد معين عند التكبير والتقديس والتهليل يعقدن ذلك بالأنامل، لعل هذا معنى المراعاة.
والعقد بالأنامل معلوم عند العرب، وهو قبض الأنامل وعدها بالإبهام.