قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن.
حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان).
قال أبو داود: روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (إحدى عشرة سجدة).
وإسناده واه].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب تفريع أبواب السجود] أي: سجود التلاوة، وكم سجدة في القرآن، يعني: كم عدد السجدات في القرآن التي يسجد بها، والتي إذا بلغها الإنسان وهو يقرأ القرآن سجد بها، و (أل) هنا عوض عن المضاف إليه، أي: بدلاً من أن يقول سجود التلاوة، قال: السجود.
وكم سجدة في القرآن، أي: كم سجدات في القرآن؟ أجمع العلماء على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة، ذكر ابن حزم في مراتب الإجماع -والذي علق عليه ابن تيمية وتتبعه في بعض الأشياء، وهذا من المواضع التي حكى فيها الإجماع- على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة.
ثم هذه السجدات الخمس عشرة عشر منها لا خلاف بين أهل العلم فيه، وخمس هي محل خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه يسجد فيها كلها، والمختلف فيها الصحيح فيها ثبوت السجود فيها، وبهذا يكون القول الراجح أن الخمس عشرة سجدة التي أجمع على أنه ليس هناك شيء أكثر منها أنها محل سجود للتلاوة.
والخمس التي هي محل خلاف هي: سجدات المفصل الثلاث، وسجدة (ص)، والسجدة الثانية من الحج، وأما ما سواها وهي العشر الباقية فمتفق عليها، والغالب على السجدات التي هي محل إجماع أن السجود فيها جاء على سبيل الإخبار، وأكثر السجدات المختلف فيها جاءت بصيغة الأمر: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم:62]، {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19]، وفي الحج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان، وهذه الخمس التي ذكرها عمرو رضي الله عنه أربع منها هي محل خلاف، والأولى من سجدتي الحج هذه باتفاق العلماء، ويضاف إلى الأربع التي جاءت في كلام عمرو بن العاص رضي الله عنه سجدة (ص)، فإنها أيضاً من محل الخلاف.