قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد بن السري حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزاعاً، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت له حصيراً فصلى عليه، بهذه القصة قالت فيه: قال -تعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: أيها الناس! أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خفي علي مكانكم)].
أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وهو أنه أمر عائشة بأن تضرب له حصيراً، فصلى وصلى الناس بصلاته، يعني: في الليلة الأولى، ثم الليلة الثانية، وفي الثالثة لم يخرج عليهم، ولما أصبح قال: (أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خفي علي مكانكم) يعني: بل هو مستيقظ وعلى علم، ولكنه لم يفعل، لم يخرج عليهم ليصلي بهم كما صلى بهم في الليلتين الماضيتين؛ خشية أن يفترض عليهم قيام رمضان، فيكون في ذلك مشقة عليهم، فأراد أن يكون من قبيل المندوب، وألا يكون من قبيل الواجب عليهم، فحقق ما أراده صلى الله عليه وسلم، والشيء الذي خشيه لم يحصل؛ لأنه توفي عليه الصلاة والسلام ولم يفرض عليهم قيام رمضان، فبقي الندب على ما هو عليه.