قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا زهير بن محمد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: (بت ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر كيف يصلي؟!! فقام فتوضأ وصلى ركعتين، قيامه مثل ركوعه، وركوعه مثل سجوده، ثم نام، ثم استيقظ فتوضأ واستن، ثم قرأ بخمس آيات من آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [آل عمران:190]، فلم يزل يفعل هذا حتى صلى عشر ركعات، ثم قام فصلى سجدة واحدة، فأوتر بها، ونادى المنادي عند ذلك فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدما سكت المؤذن فصلى سجدتين خفيفتين، ثم جلس حتى صلى الصبح)].
أورد أبو داود هذا الحديث عن الفضل بن عباس، وليس بمعروف أن الفضل بن عباس نام عند خالته ميمونة، وإنما المعروف والثابت الذي جاء في أحاديث كثيرة من طرق متعددة أنه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهذه الطريق فيها الفضل بن عباس، وهي تشتمل على صفة من صفات صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، ولكن لم يثبت ذلك عن الفضل بن عباس؛ لأن الإسناد فيه انقطاع بين كريب وبين الفضل بن عباس؛ لأنه لم يدركه، فيكون منقطعاً، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الثابت في صفة صلاة الليل حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
والفضل هو أكبر أولاد العباس، وبه يكنى، وكذلك أم أولاد العباس لبابة بنت الحارث الهلالية كنيتها أم الفضل مثل كنية العباس؛ لأن أكبر أولادهما هو الفضل بن عباس، وعبد الله بن عباس أصغر منه، وقد أدركه كريب، وأما الفضل بن عباس الذي هو الأكبر فإنه لم يدركه كريب كما ذكر ذلك أهل العلم.
قوله: [(فتوضأ واستن)].
يعني: استاك، أي: دلك أسنانه بالسواك.
قوله: [(ثم قرأ بخمس آيات من آل عمران)].
قرأ بخمس آيات من أول قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران:190]، وهذه مرت في حديث ابن عباس، وفيه إلى آخر السورة، يعني: من هذه الآية إلى نهاية السورة.
قوله: [(ولم يزل يفعل هذا حتى صلى عشر ركعات)].
يعني: صلى ركعتين، ثم بعد ذلك حصل منه الاستنان، ثم استمر على ذلك حتى صلى عشر ركعات، يعني: ثنتين ثنتين ثنتين، وبينهما الاستنان وقراءة هذه الآيات، ثم قام وصلى ركعة واحدة أوتر بها، ثم طلع الفجر وآذنه بلال فصلى ركعتين ثم خرج، فصلى بالناس صلى الله عليه وسلم.