قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن قتادة بإسناده نحوه قال: (يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس فيذكر الله عز وجل، ثم يدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم، ثم يصلي ركعة، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني! فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم بمعناه إلى: مشافهةً)].
أورد أبو داود حديث سعد بن هشام من طريق أخرى، وفيه بيان الكيفية تختلف عن الكيفية السابقة، والكيفية السابقة أنه يصلي ثمانياً ثم يجلس ويدعو ويقوم للتاسعة، ولا يسلم إلا بعد التاسعة، وهذا فيه أنه سلم بعد الثامنة، وفيه أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم صلى ركعة، فصارت ثمانية مع بعض بسلام واحد وركعة بسلام واحد.
وهذه هيئة أخرى وكيفية أخرى من كيفيات الصلاة، صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيجلس فيذكر الله عز وجل، ثم يدعو ثم يسلم تسليماً يسمعنا)].
يعني: يذكر الله في التشهد، يتشهد ويدعو.
قوله: [(ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم)].
فجعل الركعتين اللتين كانتا بعد الوتر أنه أتى بهما قبل الوتر.
وهذه الكيفية مخالفة لما سبق، لكن الطرق كلها صحيحة، وصلاة الليل كما هو معلوم أكثر طرقها صحيحة، ولكن كونها قصة واحدة ورواية واحدة يمكن أن يكون بعضها فيه شيء، لاسيما والمعروف منه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين وهو جالس بعد السلام من الوتر.
وهذه يمكن أن تكون شاذة، ولكن إسنادها صحيح وإذا جاءت كيفيات أخرى غير هذه الكيفية في غير هذا الحديث فلا تكون شاذة، يعني: يكون لها شواهد ولها شيء، وإنما الإشكال كونه يحكى عن قصة واحدة وعن حديث واحد هذا هو الذي فيه الإشكال.
قوله: [ثم يصلي ركعة فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني! فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلم].
فلما أسن وأخذه اللحم صلى وأوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس بعد.
قوله: [بمعناه إلى: مشافهة].
يعني: معنى الحديث إلى آخره، أظن في بعض النسخ قالوا: إليّ، أظن في وقولها: (يا بني) معناه: الكبير يقول لمن هو دونه: يا بني! وهي أيضاً أم المؤمنين، يقولون لها: يا أماه! وهي تقول: يا بني! والكبير يقول للصغير: يا بني! مثل ما جاء في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ أنس: يا بني!).
وكذلك الصغير يقول للكبير: يا عم! كما جاء في بعض الأحاديث، كذلك في قصة الصحابيين من الأنصار اللذين كانا في غزوة بدر، وكان أحدهما عن يمين عبد الرحمن بن عوف والثاني عن يساره، فالتفت إليه واحد منهما وقال: يا عم! أتعرف أبا جهل؟ إلى آخره، فالصغير يقول للكبير: يا عم! والكبير يقول للصغير: يا بني! قوله: [إلى: مشابهة] يعني: إلى آخره، أي: هذا الحديث الطويل بمعناه؛ لأنه أتى ببعضه والذي أراد أن يأتي به وهو المتعلق بالوتر والترجمة هو الباقي أحال عليه بالمعنى إلى آخره.