شرح حديث (جاء رجل والنبي يصلي الصبح فصلى الركعتين ثم دخل مع النبي في الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: (جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح، فصلى الركعتين، ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فلما انصرف قال: يا فلان! أيتهما صلاتك: التي صليت وحدك أو التي صليت معنا؟!)].

أورد أبو داود [باب: إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر]، يعني: ماذا يصنع؟

و صلى الله عليه وسلم أنه يدخل مع الإمام ولا يصلي ركعتي الفجر، بل يصليهما بعد ذلك، كما جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي بعد الفجر فسأله فقال: إنه لم يصل الركعتين.

فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقره على صنيعه، فدل ذلك على جواز الإتيان بركعتي الفجر بعد الصلاة، فيقضيهما بعد الصلاة ولو كان ذلك وقت نهي؛ لأنه ورد استثناؤهما بهذا الدليل، وعلى هذا فالإنسان إذا دخل والإمام يصلي فإنه يدخل معه في الصلاة، ولا يجوز له أن يصلي والإمام يصلي، فلا يتشاغل بالنفل عن الفرض، بل يدخل في الفرض ويشتغل به، وقد جاءت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي أورده أبو داود حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أنه جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح، فصلى ركعتين، ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وصلى معه صلاة الفجر، ثم إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(يا فلان! أيتهما صلاتك؟!) أي: الركعتان اللتان صليتهما وحدك أو التي صليت معنا، وهذا إنكار عليه؛ لأن الإنسان عندما يكون الإمام في الصلاة ليس له أن يتشاغل عن الفرض بالنفل.

وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه في فتح الباري عن بعض الأكابر أنه قال: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.

يعني: من اشتغل بالنوافل عن الفرائض فهو مغرور، والذي تشغله الفرائض عن النوافل هو معذور؛ لأنه مشغول بالشيء الأهم والواجب، والشيء المتعين، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) الحديث.

فالتشاغل بالنفل عن الفرض بأن يكون الإمام يصلي ثم يأتي من لم يصل النافلة فيتشاغل بها عن الفريضة مما أنكره الرسول صلى الله عليه وسلم على من فعله.

وثبت عنه في الحديث الذي سيأتي أنه قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).

وبقي مسألة، وهي: إذا كان الإنسان قد بدأ بالنافلة قبل الإقامة، وأقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة، فماذا يصنع؟ هل يقطعها ويدخل مع الإمام استناداً إلى ما جاء في أحاديث الباب، أو أنه يتمها خفيفة؟!

و صلى الله عليه وسلم إذا كان الإنسان في آخرها فيتمها خفيفة ويدخل مع الإمام، ويدرك الصلاة، ويمكن أنه في حال الإقامة ينتهي ويدخل مع الإمام في الصلاة، وإن كان في أولها فعليه أن يقطعها، ولا يتشاغل بالفرض عن النفل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015