قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى أخبرنا عبيد الله -يعني ابن أبي زياد - عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي علقمة: (أن عثمان دعا بماء فتوضأ، فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين، قال: ثم مضمض واستنشق ثلاثاً، وذكر الوضوء ثلاثاً، قال: ومسح برأسه ثم غسل رجليه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل ما رأيتموني توضأت)، ثم ساق نحو حديث الزهري وأتم].
أورد أبو داود حديث عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وفيه ذكر بعض ألفاظه وإحالة إلى حديث متقدم، وهو حديث الزهري.
قوله: (أن عثمان رضي الله عنه دعا بماء فتوضأ، فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين)].
يعني: أنه أفرغ من الإناء خارج الإناء وغسل يديه إلى الكوعين، والمقصود غسل الكف فقط، والذراع لا تدخل في ذلك، يعني: أن الكف قبل الوضوء لا تدخل في الغسل وإنما تغسل الكف فقط إلى الكوعين، والكوع: هو العظم الذي في طرف الذراع مما يلي الإبهام، والطرف الثاني الذي يلي الخنصر يقال له: الكرسوع، فهما عظمان في طرف الذراع، فالذي يلي الإبهام يقال له: الكوع، والذي يلي الخنصر يقال له: الكرسوع، ولهذا يقول العوام في المثل على الشخص الذي لا يعرف شيئاً: لا يعرف كوعه من كرسوعه، يعني: لا يميز بين الكوع والكرسوع.
قوله: [(ثم مضمض واستنشق ثلاثاً)].
وهذا فيه مثل ما تقدم في حديث ابن أبي مليكة، يعني: أنه استنشق واستنثر، وهنا عبر بالاستنشاق بدل الاستنثار وهما متلازمان، فالاستنشاق: هو إدخال الماء في الأنف، والاستنثار: هو إخراجه، وكل واحد منهما يستلزم الآخر، فالاستنشاق يعقبه استنثار والاستنثار يسبقه استنشاق.
قوله: [(وذكر الوضوء ثلاثاً)].
يعني: أنه غسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً.
قوله: [(ومسح برأسه ثم غسل رجليه)].
ولم يذكر العدد، وهذا يحمل على أنه مرة واحدة، لأن تكرار المسح يصير بمثابة الغسل، والحكم هو المسح وليس الغسل.
قوله: [(ثم غسل رجليه)].
يعني: غسل رجليه ثلاثاً.
قوله: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل ما رأيتموني توضأت)، ثم ساق نحو حديث الزهري وأتم].
يعني: حديث الزهري الذي تقدم.