قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: يكبرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبلة، ثم يصلي بمن معه ركعة ثم يأتون مصاف أصحابهم، ويجيء الآخرون فيركعون لأنفسهم ركعة، ثم يصلي بهم ركعة، ثم تقبل الطائفة التي كانت مقابل العدو فيصلون لأنفسهم ركعة والإمام قاعد، ثم يسلم بهم كلهم جميعاً.
حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا: أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه (هل صليت مع رسول صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم.
قال مروان: متى؟ فقال أبو هريرة: عام غزوة نجد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة العصر، فقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا جميعا الذين معه والذين مقابل العدو، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة وركعت الطائفة التي معه، ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلي العدو، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو، ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه، وسجد وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن كان معه، ثم كان السلام، وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعاً، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي أن الجيش يكون مجموعتين: مجموعة وجاه العدو، ومجموعة خلف الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يدخل في الصلاة فيدخلون معه جميعاً، يكبر معه الذين كانوا مستقبلي القبلة وراءه والذين كانوا مستدبريها في وجاه العدو، فيدخلون في الصلاة جميعاً ويكبرون، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بالذين معه ركعة، وإذا فرغ منها وقام الذين معه ذهبوا إلى وجاه العدو، وجاء أولئك الذين كانوا مستدبري القبلة وصلوا لأنفسهم ركعة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم في الركعة الثانية، ثم صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية، وإذا جلس للتشهد جاءت الطائفة الأولى التي ذهبت وقد بقي عليها ركعة وصلت تلك الركعة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، ثم سلم بهم جميعاً، فهذه تشبه الطريقة الأولى التي مرت في حديث عبيد الله بن معاذ، لأن الطائفة الأولى في حديث أبي هريرة صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم انصرفت، ثم جاءت الطائفة الثانية وصلت لنفسها ركعة والنبي صلى الله عليه وسلم قائم، ولما جاءت للركعة الثانية صلتها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما جلس للتشهد جاءت الطائفة الأولى التي ذهبت وبقي عليها ركعة وصلت الركعة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، ثم سلم بهم جميعاً.
وهذه الكيفية التي جاءت في حديث أبي هريرة قريبة من الكيفية التي جاءت في حديث سهل بن أبي حثمة التي مرت في الطريق الأولى التي فيها: أن الذين خلفهم صلوا ركعة ثانية ثم صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية، ثم جاء الذين تخلفوا وصلوا الركعة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، ثم سلم بهم صلى الله عليه وسلم، فتكون الطائفة الأولى دخلت في الصلاة، فصلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم ذهبت وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالطائفة الثانية ركعة، ثم جاءوا وصلوا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فتكون الطائفة الأولى لها الركعة الأولى ولها إتمام الركعة في حال التشهد.
وقوله هنا: [في غزوة نجد] أي: في غزوة ذات الرقاع، وسميت بذات الرقاع؛ لأنهم احتاجوا إلى أن يلفوا على أرجلهم الخرق لتقيهم الأرض وما فيها من أحجار مؤذية، وقيل غير ذلك، وقد كانت قبل الحديبية وقبل خيبر، وقد قيل: إنها حصلت مرتين، فـ أبو هريرة ما أسلم إلا بعد خيبر، فتكون غزوة ثانية إلى نجد.