قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائماً أتموا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم انصرفوا فكانوا وجاه العدو، واختلف في السلام.
حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: (أن طائفة صلت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم).
قال مالك: وحديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إلي].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: من قال إذا صلى ركعة وثبت قائماً أتموا لأنفسهم ركعة ثم سلموا، ثم انصرفوا فكانوا وجاه العدو، واختلف في السلام.
قوله: [واختلف في السلام] يعني: بين الإمام والمأموم، وذلك أنه في هذا الحديث الطائفة الأولى سلمت لنفسها وانصرفت، والطائفة الثانية بقيت حتى سلمت وخرجت من الصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في الترجمة أحاديث أخرى تختلف عن هذا فيما يتعلق بالسلام، وأن كل طائفة سلمت لنفسها والرسول صلى الله عليه وسلم سلم وحده، يعني: بحيث إن الطائفة الثانية قضوا ركعة بعد أن سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلموا لأنفسهم، وقال: [واختلف في السلام]، ومعناه أن الطائفة الأولى في الحديث الأول سلمت وانصرفت، والحديث الثاني فيه أن الطائفة الثانية أيضاً لم تسلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تقض ركعة والرسول صلى الله عليه وسلم جالس، وإنما قامت بعد أن سلم وأتت بركعة ثم سلمت، فصار الاختلاف في السلام بين الطائفتين وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة وهو حديث من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يسم الرجل، ولكن قيل: إنه أبوه خوات بن جبير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يمكن أن يكون منه ذلك.
أما سهل بن أبي حثمة فقالوا: إنه صغير لا يمكن أن يكون صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ذات الرقاع، ولكنه إذا كان عنه يكون مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة كما هو معلوم حجة، فهو إما أن يكون أباه وهو الأقرب، وإما أن يكون سهل بن أبي حثمة وهو صحابي صغير لم يشهد تلك الصلاة، ولكنه يروي عمن شهد تلك الصلاة، ولكن يمكن أن يكون الأقرب أنه أبوه؛ لأنه جاء في بعض الروايات أنه يروي عن أبيه هذه الصلاة التي هي صلاة الخوف.