قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التطوع على الراحلة والوتر.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة أي وجه توجه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي المكتوبة عليها)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [التطوع على الراحلة والوتر]، والتطوع معناه التنفل، سواءٌ أكان وتراً أم غيره، فالتطوع المطلق والوتر كل ذلك يصح على الراحلة، وقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته) والتسبيح: هو التنفل، أي: يصلي النافلة، ويومئ بالركوع والسجود، ويكون السجود أخفض من الركوع، ولكن جاءت السنة بأنه يدخل في الصلاة أولاً إلى جهة القبلة، ثم تتجه الراحلة إلى الوجهة التي يريدها، فيصلي النوافل وكذلك الوتر على راحلته، غير أنه لا يصلي المكتوبة، فإذا جاء وقت المكتوبة نزل وصلى، وأما النوافل -سواءٌ أكانت مطلقة أم وتراً- فإنه كان يصليها على الراحلة، فهذا يدلنا على جواز ذلك، وهذا يكون في السفر لا في الحضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يفعل ذلك إلا في السفر، وما كان يفعل ذلك في الحضر.
والسيارة حكمها حكم الراحلة إلا إذا كان للصلاة تأثيرٌ على قيادته، فليس له أن يفعل ذلك؛ لأنه سيخل بالقيادة، ولأن سوق الناقة وركوبها ليس مثل قيادة السيارة، فالسيارة قد يترتب على الصلاة فيها خطر، فإذا كان سيترتب عليه خطر فلا يفعل، وليس بلازم أن يحرف السيارة إلى القبلة، وإنما يقف ويدخل في الصلاة متجهاً إلى القبلة ثم يركب السيارة وهي تسير في اتجاهها، وهذا الكلام كله خاص بالسفر، أما الحضر فليس فيه تنفل على الراحلة ولا على السيارة، وإنما ينزل بنفسه ويصلي في البيت، أو يصلي في المسجد.