قال المصنف رحمه الله: [باب: الأذان في السفر.
حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافري حدثه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [الأذان في السفر] كما يكون في الحضر، والإنسان المسافر يؤذن، سواءٌ أكان في جماعة أم كان لوحده، ولذلك إذا أذن يحصل بأذانه ذكر الله، ويحصل بأذانه كونه لا يسمعه شيء إلا شهد له، وكذلك -أيضاً- يمكن أنه يسمعه أحدٌ من الناس فيعرف دخول الوقت بهذا الأذان، ويمكن أن يأتي إليه ويصلي معه، كل ذلك من فوائد حصول الأذان في السفر.
فالمسافر يؤذن ويقيم، سواءٌ أكان في جماعة أم كان واحداً.
وقد أورد أبو داود، حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه الذي يدل على أذان الفرد إذا كان وحده في السفر، فإنه يؤذن ويصلي.
قوله: [(يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل)].
الشظية: قطعة من الجبل أو جزء منه أو ناحية من الجبل.
قوله: [(يؤذن بالصلاة ويصلي)].
يعني: يؤذن ويحصل منه الأذان والإقامة، وتحصل منه الصلاة.
قوله: [(فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)].
هذا يدلنا على فضل هذه الأعمال في السفر، فالصلاة لا بد منها، والأذان كذلك، حيث يشرع للإنسان المسافر أن يؤذن ولو كان وحده، وهذا الأجر مركب على مجموع هذه الأمور، وكون الإنسان يؤذن ويقيم الصلاة يدل على أنه يخاف الله عز وجل، فالله تعالى يغفر له ذنوبه ويدخله الجنة جزاءً على ذلك العمل الصالح الذي عمله.
وفي الحديث إثبات صفة العجب لله عز وجل، وقد جاء ذلك في القرآن في إحدى القراءتين لقوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات:12]، لأنه على قراءة (بل عجبتُ)، تكون من آيات الصفات، وعلى قراءة: ((بَلْ عَجِبْتَ)) لا تكون تكون آية صفة، فالعجب صفة ثابتة لله عز وجل في القرآن في إحدى القراءات المتواترة.
وكذلك -أيضاً- جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عديدة، منها هذا الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.