قال المصنف رحمه الله: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا الجريري عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: (بينما أنا أترمى بأسهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس، فنبذتهن وقلت: لأنظرن ما أحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم كسوف الشمس اليوم، فانتهيت إليه وهو رافع يديه يسبح ويحمد ويهلل ويدعو، حتى حسر عن الشمس، فقرأ بسورتين وركع ركعتين)].
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه الذي فيه أنه كان يترمى بأسهم له، وأنها كسفت الشمس فذهب وقال: لأنظرن إلى ما يحصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حصول هذا الكسوف، فجاء ورآه قائماً ماداً يديه يدعو ويحمد ويكبر.
قوله: [(حتى حسر عن الشمس)].
أي: زال كسوفها.
قوله: [(فقرأ بسورتين وركع ركعتين)].
قيل: إن الحديث لا يدل على أنه صلى ركعتين؛ لأنه لو كان المقصود به صلاة ركعتين لكان صلى ركعتين بعد انتهاء الكسوف؛ لأنه قال: [(حسر عن الشمس)] فليس معنى ذلك أنه صلى وابتدأ الصلاة بعد الانحسار، ولكنه مضت الركعة الأولى، وبقيت الركعة الثانية، وحصل انحسار الكسوف في الركعة الثانية، فقوله: [(فقرأ بسورتين وركع ركعتين)] معناه: ركع بركوعين، وهذا يتفق مع الروايات الأخرى التي فيها أنه حصل التجلي في الركعة الأخيرة، وأن الركعة الواحدة فيها ركوعان، وأيضاً يسلم به من الإشكال الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ الصلاة بعدما حصل التجلي، وإنما الصلاة قبل التجلي، ولكن الناس إذا صلوا ولم تتجل لا يعيدون الصلاة، وإنما يدعون ويستغفرون حتى ينكشف ما بهم.
وهذا هو التفسير المناسب الذي يطابق ما تقدم من الأحاديث، فالحديث هذا صحيح على أن المقصود من ذلك إنما كان حكاية عن الركعة الأولى، وأنه حصل الانحسار فأتى بالركعة الثانية بقراءة سورتين وحصول ركوعين، فقبل الركوع الأول سورة، وبعد الركوع الثاني سورة، وبعد الركوع الثالث القيام، ثم السجود، وعلى هذا لا يكون الحديث مطابقاً للترجمة، وهي: [باب من قال يركع ركعتين]؛ لأن المقصود بالركعتين هنا ركوعان، وأن الانحسار حصل في الركعة الثانية.