قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: يركع ركعتين.
حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثني الحارث بن عمير البصري عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين، ويسأل عنها حتى انجلت)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [من قال يركع ركعتين]، يعني أنه يصلي ركعتين في صلاة الكسوف، ثم ينظر هل انجلت أو لا ثم يأتي بركعتين، وهذا مخالف للروايات الأخرى التي فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وهذا هو المحفوظ، وسبق أن عرفنا أن الأحاديث التي جاءت في صفة صلاة الكسوف منها ما فيه ركوع واحد، ومنها ما فيه ركوعان، ومنها ما فيه ثلاثة ركوعات، ومنها ما فيه أربعة ركوعات، ومنها ما فيه خمسة ركوعات، وأن المحفوظ هو ما فيه ركوعان، وأن ما سوى ذلك هو إما شاذ وإما ضعيف، فإن كان صحيح الإسناد فهو شاذ، وإن كان غير صحيح الإسناد فإنه يكون ضعيفاً أو منكراً، وهذا الحديث مخالف لتلك الرواية المحفوظة؛ لأن الأحاديث كلها في شأن صلاة واحدة، وهي الحالة التي انكسفت فيها الشمس، وإنما انكسفت مرة واحدة حينما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالمحفوظ هو الرواية التي سبق أن مرت، والتي في الصحيحين، والتي جاءت عن أسماء وجابر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وعدد من الصحابة، والروايات الأخرى هي إما شاذة وإما ضعيفة، وهذا الإسناد فيه ضعف، قيل: إن فيه انقطاعاً، وقيل: إن فيه اضطراباً، والألباني ضعف هذا الحديث، ولعل الانقطاع في رواية أبي قلابة؛ لأنه يرسل ويدلس، ثم إنه -كما ذكرت- مخالف لما ثبت مما هو محفوظ، وهو الركوعان في ركعة واحدة، وهذا فيه أن كل ركعة فيها ركوع واحد ولكن تكرر الركعات؛ لأنه يصلي ركعتين ثم يسأل عن الشمس هل تجلت أو لا ثم يصلي ركعتين وهكذا، والمحفوظ أنه صلى ركعتين وأن الشمس تجلت في آخر الركعة الثانية، وأنه لم تصل أكثر من ركعتين، لكن في كل ركعة ركوعان.