قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعته يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال رضي الله عنه، وبلال باسط ثوبه تلقي فيه النساء الصدقة)، قال: تلقي المرأة فتخها ويلقين ويلقين.
وقال ابن بكر: فتختها].
أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى صلاة العيد، وأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قام وخطب الناس ثم نزل وأتى النساء، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب على مكان مرتفع في المصلى، فذهب إلى النساء ووعظهن وذكرهن وحثهن على الصدقة، وبسط بلال رداءه، فجعلن يلقين في رداء بلال من فتخاتهن، والفتخات هي خواتم تكون في أصابعهن، وجاء أنهن كن يلقين من أقراطهن وخواتيمهن، والأقراط هي التي تعلق بالأذن، والخواتيم هي التي تكون في الأصابع، يعني يتصدقن، وهذا يدل على أن المرأة لها أن تخرج بحليها إلى الصلاة، وليس عليها أن تنزع حليها إذا أرادت أن تخرج للصلاة أو غيرها، ولكنها تستر وجهها وتستر زينتها، ولا تظهر زينتها للناس.
وقوله: [فجعلن يلقين فتخاتهن ويلقين ويلقين] يعني: يلقين ويلقين أشياء أخرى مما معهن، وهذا يدلنا على مبادرة النساء إلى الصدقة، وعدم إرجاؤهن ذلك إلى أن يذهبن للبيوت، وأنهن صرن يلقين من هذه الزينة التي عليهن، وهذا يدل على مبادرتهن إلى الخير، ومبادرتهن إلى الصدقة وسرعة امتثالهن لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن المرأة تتصدق بمالها ولو لم تستأذن زوجها، ولا يلزم استئذان الزوج في كون المرأة تتصدق.
قوله: [(فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال)] يعني: كان معتمداً على يد بلال وهو يعظ النساء ويذكرهن صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [وبلال باسط ثوبه].
يعني: وضعه على الأرض حتى تضع النساء صدقاتهن في ذلك الثوب.
قوله: [(وقال ابن بكر: فتختها)].
يعني أن شيخي الإمام أحمد بن حنبل -وهما عبد الرزاق ومحمد بن بكر - أحدهما قال: [فتخها] وهذا جمع، والآخر قال: [فتختها] بالمفرد، والمفرد إذا أضيف إلى معرفة يعم.