قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الجلوس إذا صعد المنبر.
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء - عن العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ -أراه قال: المؤذن- ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب الجلوس إذا صعد المنبر] يعني أن الإمام إذا صعد المنبر يجلس عليه ويأخذ المؤذن في الأذان، وإذا فرغ المؤذن من الأذان قام وبدأ بالخطبة، ففيه إثبات الجلوس قبل الخطبة الأولى إلى الفراغ من الأذان، ثم الجلوس بين الخطبتين يفصل بينهما كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من الترجمة جلوس الإمام إذا صعد المنبر إلى أن يفرغ المؤذن من الأذان، وبعد فراغ المؤذن يبدأ الخطيب في الخطبة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر جلس حتى يفرغ -أراه قال: المؤذن- ثم يقوم ويخطب، ثم يجلس، ثم يقوم ويخطب)]، وعلى هذا فالذي ترجم له المصنف -وهو الجلوس عند الصعود على المنبر- فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن الخطيب عندما يصعد يجلس ولا يبقى قائماً؛ لأن بقاءه قائماً يترتب عليه طول قيامه بدون فائدة، وفيه ضرر عليه، فالسنة هي الجلوس، وقد جاء الجلوس في هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي مر بنا بعضها، مثل حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجلس على المنبر ويأخذ المؤذن في الأذان، وفيه زيادة أذان عثمان رضي الله عنه الثالث، وكذلك غيره من الأحاديث.
وهذا الحديث في إسناده رجل متكلم فيه، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المكبر، وهو غير أخيه عبيد الله الذي يروي كثيراً عن نافع، والمصغر عبيد الله ثقة، والمكبر عبد الله ضعيف، والذي في هذا الإسناد هو الضعيف، ولكن جاء في أحاديث عديدة جلوس الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر إذا صعد، وكان إذا صعد على المنبر سلم ثم جلس.