قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة.
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن مخول بن راشد عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة تنزيل السجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان:1])].
أورد أبو داود رحمه الله [ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة] يعني: ما هي السور التي تقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة؟ وأورد حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما بـ (الم) السجدة و ((هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ)) قيل: الحكمة من الإتيان بهاتين السورتين اشتمالهما على أحوال الموت والبعث؛ وذلك أن يوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وهو الذي يحصل فيه البعث والنشور كما سبق أن مر في فضل يوم الجمعة، وفيه الصعقة، وفيه النفخة، فقراءة هاتين السورتين في يوم الجمعة تذكير بما سيجري في ذلك اليوم من البعث والنشور وما إلى ذلك، وليس المقصود من قراءة سورة السجدة كون السورة فيها سجدة، وأن للإنسان أن يقرأ سورة أخرى فيها سجدة تغني عن سورة السجدة، ليس هذا هو المقصود؛ لأنه لا يوجد ما يدل على أن المقصود السجدة، ولكن اختيار هاتين السورتين وهما مشتملتان في أوائلهما على البعث وعلى الموت هو السبب في اختيارهما والإتيان بهما في صلاة الصبح.
وبعض أهل العلم يقول: لا يداوم على قراءتهما حتى لا يعتقد العوام أنها واجبة ولازمة، فإذا حصلت المداومة عليهما يوم الجمعة وتركت قراءتهما مرة لاستغرب العوام وتعجبوا من ذلك، فلا ينبغي المداومة عليهما باستمرار بحيث لا يتركهما أبداً، ولكن يقرأ بهما كثيراً، أما قراءة سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:1] في صلاة الجمعة فقد ثبتت بذلك السنة، وجاء فيها قراءة سورة الجمعة والمنافقون.