قال رحمه الله: [فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر].
هذا استدراك يعني به: أن هذا الذي جاء وليس عنده يكون عنده من طريق آخر، ومعناه: أنه جاء من طريقين أو من ثلاثة فهو أورده من طريق وغيره أورده من طريق آخر.
قال رحمه الله: [فإني لم أخرج الطرق لأنه يكبر على المتعلم].
قوله: (لم أخرج الطرق) أي: ما استوعبت طرق الأحاديث لا من حيث الصحابة ولا من دون الصحابة؛ فإن الحديث -كما هو معلوم- قد يبلغ إلى حد التواتر وهو يورده من طريق واحد أو من طريقين؛ لأنه ما أراد الاستيعاب، مثل حديث: (نضر الله امرأ سمع مقالتي) رواه أبو داود من بعض الطرق عن بعض الصحابة، وجاء عن عدد كبير من الصحابة ليسوا عند أبي داود، لأنه ما أراد استيعاب وجمع الطرق؛ لأنه يكبر بذلك حجم الكتاب.
قال رحمه الله: [ولا أعرف أحداً جمع على الاستقصاء غيري].
في هذا -كما قلت- بيان لارتياحه واطمئنانه إلى الجد والاجتهاد الذي بذله والنتيجة التي توصل إليها بسبب ذلك، وقصده من ذلك النصح والحث والترغيب والتشويق إلى الاستفادة من كتابه لا التبجح ولا غيره من القصود السيئة التي قد تحصل من بعض الناس فيما يكتبون ويقولون.
قال رحمه الله: [وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث، وذكر أن ابن المبارك قال: السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسعمائة حديث، فقيل له: إن أبا يوسف قال: هي ألف ومائة، قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنات من هنا وهنا نحو الأحاديث الضعيفة].
هذا فيه إيضاح استقصائه واستيعابه، وقد قال كما سيأتي: إن في كتابه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وهنا ذكر أن بعض العلماء قال: إن السنن تسعمائة حديث، فقيل له: فلان عنده ألف ومائة، فقال: هذا عنده شيء من الهنات، يعني: أنه يتوسع ويكتب أشياء فيها ضعف.